Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
پوهندوی
علي معوض وعادل عبد الموجود
خپرندوی
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
في ذلك العَصْرِ أيضاً شُغِلَ النَّاسُ بالحديث عن البَاطِنِيَّةِ ودورها الخطير في تغيير مُجْرَیَاتِ الحياة؛ حيث انتشرت في كثير من البقاع الإسلامية لظروف سياسية، ثم تحوّلت إلى مذهب ديني، وقد شغل الغزاليُّ بهذه الفرقة؛ وكتب في الرَّدِّ عليهم، ونَقْدِ آرائهم ومعتقداتهم.
ويرجع خَطَرُ هذه الفرقة لتلك الآراء الهَدَّامَةِ التي كانت تَدْعُو إليها، مما كان يَسْتَهْدِفُ الدين الإسلامي نفسه، وما انطوت عليه تلك الدعاوى من المكر والدهاء، في السيطرة على الرءوس وملئها بالخرافات والأساطير التي ليس لها أي أساس من الصواب.
من ناحية أخرى فقد شهد هذا العَصْرُ كَثِيراً من الهَجَمَاتِ الشَّرسة التي قادها الصليبيون للسَّيْطَرَةِ على الشرق العربي، وبالفعل قد استولوا - آنذاك - على كثير من بلدان المسلمين في آسيا الصغرى والشام، وكونوا لهم فيها إمارات، سميت بالإمارات اللاتينية، نسبة إلى الأَجْنَاسِ التي كان يتألّف منها حَمَلَةُ الصليب.
وبهذا كان المُسْلِمُونَ في هذا القَزْنَ أَسْوَأَ حالاً منهم في القرون السَّابقة، حتى أمكن الفرنجة أن يُهَاجموهم في عُقْر دارهم بالمشرق، ويستولوا على بيت المقدس وكثير من بلاد ((الشام))، وحتى أخذوا يهاجمون ((الأندلس)) بالمغرب كما قلنا، ولولا يوسف بن تاشفين ملك المرابطين لضاع هذا القُطْرُ من المُسْلِمِينَ في هذا القَرْنِ، وإذا كان الفرنجة لم يمكنهم الاستيلاء في المغرب على الأندلس، فقد أمكنهم أن يستولوا على جزيرة ((صقلية))، فدخلوها سنة ٣٤٤ هـ - ١٠٥٢ م، وتم لهم الاسْتِيلاَءُ عليها كلها سنة ٤٨٤ هـ - ١٠٩١ م، وبقي بها كَثِيرٌ من المسلمين بعد استيلائهم عليها، وكانوا أرقى من الفرنجة ثقافة ومدنية، فكانوا يرجعون في ذلك إليهم.
ولكن المسلمين مع ما وصلوا إليه في هذا القرن كانوا لا يزالون بهم قوة تضاهي قوة الطامعين فيهم، وبها أمكنهم أن يصمدوا في المشرق للفرنجة في الشام، وأن يصمدوا في المغرب للفرنجة بالأَنْدُلِسِ، وأن يقابلوا هذا الهجوم عليهم بالهجوم على أعدائهم في نواحي ضعفهم. أما إذا تكلَّمنا عن الناحية التعليمية، فقد انْتَشَرَتْ بصورة ملحوظة المَدَارِسُ النِّظَامِيَّةُ، نسبة إلى نظام الملك، وكانت مهمته نشر التعليم والفكر واحتضان أئمة العلم ونابغيه، وقد أكثر نظام الملك من هذه المدارس، ووقف عليها الأوقاف، ورتب للطالب المسكن والمأكل، وظلت مدارسه بأوقافها زمناً ليس بالقليل، وتخرج منها كثير من العلماء والأدباء.
ولهذه المدارس النِّظامية فَضْلٌ على الغزالي، فقد تَلَّقى العلم في مدرسة نيسابور، وتولى التدريس في مدرسة بغداد.
بالإضافة إلى نبوغ الغزالي في هذا القرن، نجد أن هناك كثيراً من أئمة العلم قد نبغ فذكر بعضهم فيما يلي: إسحاق الإسفرائيني الشافعي.
وأبو عمر الطلمنكي المالكي.
7