Al-Wajiz fi Fiqh al-Imam al-Shafi'i
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
پوهندوی
علي معوض وعادل عبد الموجود
خپرندوی
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۴۱۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
فلم يَأْتِ آخر هذا القَرْن إلا وكانت دُوَلاً منقسمةً على نفسها، حتى أَمْكَنَ الصَّليبيين المستعمرين من أمم الفرنجة أن ينتزعوا منها كثيراً من بلاد الشام، ويستولوا على ((بيت المقدس)) وكان مسيرهم إلى الشام سنة ٤٩٠ هـ - ١٠٩٦ م.
وكان السلجوقيون أتراكاً يأخذون بمذهب أهل السُّنَّةِ على عادة غيرهم من الأَتْرَاكِ، وكانوا يدينون بالطَّاعَةِ لبني العباس، وإن لم يتركوا لهم شيئاً من السلطة الفعلية ولكن عَلَاقاتهم بهم كانت أحسن من علاقتهم بني بُويَه، لاتفاق العباسيين والسلجوقيين في الأَخْذِ بمذهبِ أهلِ السُّنة.
ومن الدول الإِسْلاَمِيَّةِ التي قامت بالمَشْرِقِ في هذا القَزْنِ الدولة الخوارزمية، وهي دولة تركية كالدولة السلجوقية، وكان بدء ظهورها سنة ٤٩٠ هـ - ١٠٩٦ م، وهي تنسب إلى مدينة خوارزم، لأنها كانت قَاعِدَة ملكها، وكانت أول أمرها تابعة لدولة بركيارق من ملوك السّلجوقيين، ثم انفصلت عنها بعد ذلك، وأخذت تقوى بالتدريج إلى أن استولت على بلاد خراسان وما وراء النهر.
وكذلك اضطرب أَمْرُ المُسْلمين بالمَغْرِبِ في هذا القَرْنِ، فانتهتِ دَوْلَةُ بني أمية بالأندلس سنة ٤٠٧ هـ - ١٠١٦ م، وقامت فيه دُوَلُ متفرقةَ يسمى مُلُوكها ((ملوك الطَّوَائِفِ)) وكان بعضها يُحَارِبُ بعضاً، حتى ضَعُفَ أَمْرُ المسلمين في ((الأندلس)) بهذه الحروب، وطَمِعَ فيهم أعداؤهم من الفرنجة بعد ضعفهم.
وقامت في المغرب الأقصى دولة المرابطين سنة ٤٤٨ هـ - ١٠٥٦ م، ويقال للمرابطين: المُلَّمُونَ أيضاً، وهم من قَبَائِلِ البَرْبَرِ المَغْرِبية، ومن أَقْوَى ملوكهم يُوسُفُ بن تاشِفين، وقد تولى الملك سنة ٤٦٢ هـ - ١٠٦٩ م، وهو الذي بنى مدينة مراكش واتخذها مقراً لملكه، ثم أخذ يستولى على ما جاوره من بلاد المغرب حتى دان له أكثرها، وفي سنة - ٤٧٩ هـ - ١٠٨٦ م - استنجد به أهل الأندلس بسبب تغلب الفرنجة عليهم، فَسَارَ إليهم بِجَيْشٍ كبير أَنْقَذَ ((الأندلس)) منهم، ثم رأى أن يضمه إلى ملكه، ليقضي على حكم ملوك الطَّوَائف الذين فرقوا كلمة المسلمين فيه، وكان فية ميل لجمع كَلِمَةِ المسلمين في هذا القَزْنِ، ولهذا دَعَا للملوك العَبَّاسيين في دولته على المنابر، وكان يأخذ مثلهم بمذهب أهل السُّنَّةِ، ولا شك أن هذه نية صالحة تذكر له في هذا القرن، وتدخل إلى حد ما في دعوة التجديد فيه. لقد عاصر الإمام الغزالي أَكْثَرَ مُلُوكِ الدَّوْلَةِ السّلجوقية الكبرى) حيث شهد عَهْدُ عضد الدين أبي شجاع أَلْب أرسلان، وجلال الدين أبي الفَتْحِ ملك شاه، وناصر الدين محمود، ورُكْن الدين أبي المظفر بركيارق، وركن الدين ملك شاه الثاني، ومحمد بن ملك شاه.
وقد وُلِدَ الغَزاليُّ في آخر عَهْد طغرل بك، الذي ملك ((بغداد))، وتقرب من الخليفة حتى تَزَوَّجَ الخليفَةُ بِنْتَ أخيه، والذي تطلع إلى أن يتزوج من البيت العباسي.
أما أَلْب أرسلان، فكان وَاسِطَةَ عِقْد الدولة السّلجوقية، وفي عهده أُسِّسَتِ المَدَارِسُ النظامية، صَاحِبَةُ الفَضْلِ على الغزالي، حيث فتحت له أبوابها ورُبُوعَهَا ليدرِّس فيها، وينشر علمه.
أما مُحَمَّدُ بن ملك شاه، فهو الذي وَضَعَ له الغَزاليُّ كتاب ((التبر المسبوك في نصيحة الملوك)).
6