هذا بيان للمانع لهم من الاهتداء للإيمان فيما يستقبل، كما أنهم لم # يهتدوا له فيما سلف. والختم: الوسم بطابع ونحوه؛ كضرب الخاتم على الكتب والأبواب. والقلب: المضغة الواقعة بالجانب الأيسر من الصدر، ويستعمل في القوة العاقلة التي هي محل الفهم والعلم. والسمع: مصدر سمع، ويطلق على القوة التي يقع بها السمع. ولما كان الختم يمنع من أن يدخل في المختوم عليه شيء، استعير لإحداث هيئة في القلب والسمع تمنع من خلوص الحق إليهما.
وورد السمع في الآية مفردا، مع إضافته إلى جماعة، وهو أسلوب عربي سائغ، وبلاغة اللغة تسع استعمال المفرد في معنى الجمع عند أمن اللبس، تفننا في العبارة، وأخذا بطريقة الإيجاز، فإن السمع أقل حروفا من الأسماع. قال سيبويه: وحد لفظ السمع، إلا أنه ذكر ما قبله وما بعده بلفظ الجمع، وذلك يدل على أن المراد منه الجمع أيضا.
{وعلى أبصارهم غشاوة}:
الأبصار: جمع بصر، وهو في الأصل: الإدراك بالعين، ويطلق على القوة التي يقع بها الإبصار، وعلى العين نفسها، وهذا المعنى أقرب ما تحمل عليه الأبصار في الآية، وهو الأنسب لأن تجعل عليه غشاوة؛ أي: غطاء. ومفاد الآية: أن تصير أبصارهم بحيث لا تهتدي لأن تنظر في حكمة المخلوقات وعجائب المصنوعات نظر اعتبار، كأنما جعلت عليها غشاوة.
{ولهم عذاب عظيم}:
هذا بيان لما يستحقونه من الجزاء على إغراقهم في الكفر، واستحبابهم للمعاصي، والعذاب: الألم الفادح، ووصف بالعظيم على معنى أن سائر ما يجانسه من العذاب يكون بالنسبة إليه حقيرا هينا.
مخ ۲۴