فقالت هيلانة وقد وقفت إلى جانبه: ومن يقدر أن يشتري دجاجة كاملة عندنا؟ - أتريد دجاجة كاملة؟ يا حايم يا حايم رح إلى البيت وقل لأمك تذبح دجاجة حالا وهاتها.
فقال الغريب: بل دجاجتين.
ولو علم الغريب أن في باريس أيضا تباع الدجاجة أقساما؛ فخذا فخذا وجانحا لزال عجبه.
ثم وقفت عند ذاك الدكان فتاة صبية تحمل طفلا، فقالت: أعطني قوانص الدجاجة.
فوزن لها صاحب الدكان القوانص، وأخذ من الأقذار المتراكمة عند الباب جريدة فلفها فيها وتناول منها متليكين.
ثم وقفت الفتاة أمام رجل جالس في الوحل على حافة قناة الماء، وأمامه على الأرض يقطينة قسمها عدة أقسام، فابتاعت قطعتين منها وأعطته متليكا واحدا وراحت في سبيلها.
فقال صاحب الدكان للغريب: هذا يوم عيد عندها فقد قبضت «الحليقة». - «الحليقة»؟ وما هي «الحليقة»؟ - يا سيدي، أكثر يهود هذه البلد يعيشون على الحسنات التي تجيئهم من إخوانهم في أوروبا، وكل بيت يقبض من الحاخام أو القنصل قيمة معلومة كل شهر، هذه هي «الحليقة».
ووقفت عندئذ امرأة أخرى تحمل طفلا ويتبعها صبيان، فابتاعت فخذي الدجاجة ثم ثلاث قطع من اليقطينة وراحت في سبيلها، والولدان يركضان في قناة الأقذار ويصفقان جذلا. - أولادها كلهم. - نعم وقد يكون عندها غيرهم في البيت. - ولكنها صبية. - صحيح هذا، بناتنا يتزوجن صغيرات، وقبل أن يبلغن العشرين يبلغ عدد أولادهن - وأشار الرجل بيده كلها. - خمسة؟ - وستة أحيانا.
وكان قد عاد الولد إذ ذاك يحمل الدجاجتين، فأعطى الغريب هيلانة واحدة منهما ووضع الثانية في سلته.
وسار إلى سوق الخضر يقول لها: اتبعيني، فابتاع هناك شيئا من الكوسى والبندورة والبصل والثمار وملأ لهيلانة سلة منها وودعها قائلا: سلمي على أمك، وتعالي بعد غد إلى البيت الذي دللتك عليه.
Halaman tidak diketahui