والتفت عنها منصرفا.
فصاحت في إثره: من لا تقتله يقتلك.
ثم رنت منها ضحكة مخيفة وقف لها شعر رأسه وأسرع كالهارب. ومضى حتى بلغ قصر أبيه، فلقيه أخوه عمرو عند الباب، فضحك في نفسه قائلا: أأقتل أخي؟ إنها عجوز مشئومة.
وسكت الشيخ لحظة، ثم قال: أتدري كيف تمت القصة يا سيف؟
فقال سيف: أحس قشعريرة ها هنا، وكأنني ألمح الساحرة هناك تبص بعينيها. ماذا كان يا سيدي؟
فقال الشيخ: تقول القصة إن حسان لم يقتل أخاه، ولكن أخاه قتله. قتله عمرو بن تبع.
فقال سيف وهو يسير نحو فم الكهف: ولكن ما العقارب والأفاعي، وما العظام والدماء؟
فقال الشيخ: هذا سبيل الملك يا ولدي، هكذا تقول القصة. هكذا قالت الساحرة العجوز أو جنية ينور. هذا سبيل الملك؛ تحطيم العظام والولوغ في الدماء، ولسع الشدائد كما تلسع العقارب والأفاعي.
وساد الصمت، وكان سيف يحس كأن بردا يتمشى في فقار ظهره، وصورة الساحرة العجوز تتخايل له ولا يستطيع أن يطردها، وتنفس في فرج عندما تكشفت السماء شيئا وهدأت الريح كما بدأت فجأة، إلا قطرات من المطر ما زالت ترسم حلقات صغيرة على وجه المياه المتجمعة في فجوات الصخر.
فجلسا على صخرة وشرد كل منهما في عالمه، وكان سيف ما زال يدير في نفسه قصة ينور وصور النقوش التي على مصاطبه، ويسأل أهي من صنع البشر أو هي من صنع الجن الذين يسكنونه؟ وخيل إليه أن صوتا يشبه صوت الرياح العاصفة يزداد في الكهف وينادي قائلا: ألست تطلب ملكا؟
Halaman tidak diketahui