ألف درهم، وكان معه ثمانية بنين، فأعطى كل ولد عشرة آلاف، فلما رجعوا قدموا المدينة كلهم إلا المنذر بن الزبير؛ فإنه قدم العراق على ابن زياد وكان يزيد قد أجازه بمائة ألف، فلما قدم أولئك النفر الوفد المدينة قاموا فيهم فأظهروا شتم يزيد وعيبه ، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين؛ يشرب الخمر ويضرب بالطنابير، ويعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب ويسمر عنده الحراب - وهم اللصوص - وإنا نشهدكم أنا قد خلعناه.
~~وقام عبد الله بن حنظلة الغسيل فقال : جئتكم من عند رجل لو لم أجد إلا بني هؤلاء الجاهدته بهم، وقد أعطانى وأكرمنى، وما قبلت منه عطاءه إلا لأتقوى به؛ فخلعه الناس وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغيل على خلع يزيد، وولوه عليهم .
~~وأما المنذر بن الزبير، فإنه قدم على ابن زياد فأكرمه وأحسن إليه، وكان صديق زياد، فاتاه كتاب يزيد حيث بلغه أمر المدينة، يأمره بحب المتذر؛ فكره ذلك؛ لانه ضيفه وصديق أبيه؛ فدعاه وأخبره بالكتاب، فقال له : إذا اجتمع الناس عندى فقم، وقل : ائذن لى لأنصرف إلى بلادى، فإذا قلت : بل تقيم عندى فلك الكرامة والمواساة، فقل : إن لى نصيعة وشغلا، ولا أجد بدا لى من الانصراف، فإنى آذن لك في الانصراف، فتلحق بأهلك.
~~فلما اجتمع الناس على ابن زياد فعل المنذر ذلك، فاذن له فى الانصراف فقدم المدينة، فكان ممن يحرض الناس على يزيد، وقال : إنه قد أجازنى بمائة ألف، ولا يمنعنى ما صنع بى أن أخبركم خبره، وأصدقكم عنه: والله إنه ليشرب الخمر، والله إنه ليسكر حتى يدع الصلاة. .. وعابه بمثل ما عابه به أصحابه وأشد؛ فبعث يزيد النعمان بن بشير الانصارى وقال له : إن عدد الناس بالمدينة قومك؛ فإنهم ما يمنعهم شىء عما يريدون؛ فإنهم إن لم ينهضوا فى هذا الأمر لم يجترى الناس على خلافى ، فأقيل النعمان قاتى قومه، فأمرهم بلزوم الطاعة وخوفهم الفتنة، وقال لهم : إنكم لا طاقة لكم بأهل الشام، فقال عبد الله بن مطيم العدوى: يا نعمان، ما يحملك على فساد ما أصلح الله من أمرنا، وتفريق جماعتنا؟! فقال النعمان: والله لكأنى بك لو نزل بك الجموع، وقامت لك على الركب تضرب مفارق القوم وجباههم بالسيف، ودارت رحى الموت بين الفريقين قد ركبت بغلتك إلى مكة، وخلفت هؤلاء المساكين - يعنى الانصار - يقتلون فى سككهم ومساجدهم وعلى أبواب دورهم. فعصاه التاس وانصرف، وكان الامر كما قال (1).
----
Halaman 100