وعندما نهضت وفتحت الخزانة القديمة، قال لي ببعض الحزن: أأنت واثق بأنك رأيت هذا الكتاب؟
فأجبته بحدة: واثق جدا وجدا جدا!
فابتسم وقال لي: أرى أنك ترغب في تنكيدي، أنت لا تزال فتيا يا صديقي، ويخيل إلي أني مضحك لديك، يا لي من شيخ مسكين! - آه! يا سيد يوسف! ماذا تقول؟ ... أنت مضحك! ... معاذ الله أن تمر في مخيلتي مثل هذه الفكرة!
فدمدم السيد يوسف، وقال لي: فلنباشر البحث حالا، أليس كذلك؟
شرعنا في العمل، فكانت المناضد والكراسي والداخون تحتجب جميعها تحت الكتب المكردسة هنا وهناك!
وكان السيد يوسف يذهب ويجيء، فتارة يصعد إلى فوق، وطورا يهبط إلى تحت، وحينا يميل إلى الشمال، وأحيانا إلى اليمين، ثم يقف لاهثا من التعب.
أما أنا فعندما يقف أنظر إليه مستغربا وقوفه، حتى أبصرته جمد في مكانه وشخص إلى كتاب مجلد تجليدا متقنا، وقال مستعيدا نغمته الأولى: نادر جدا وجدا جدا!
فقلت له: ماذا رأيت يا سيد يوسف؟
فقال لي: ولكن هذا الكتاب نادر جدا وجدا جدا! - هذا كتاب الفرض، إنه أكثر من كتاب نادر، فهو ذخيرة.
فرفع السيد يوسف نظره إلي، فأكملت حديثي متقطرا، فقلت: ألم يسبق لي أن أخبرتك قصة كتاب الفرض؟ - لا، أبدا، فهل أكون متطفلا إذا سألتك أن تقص علي هذه القصة؟ - ولكن ألم تبق في حاجة إلى كتابك النادر؟ - أبحث عنه ساعة أريد، فمكتبتك هي أمامي دائما! ولكني أتوق الآن إلى معرفة قصتك. - إذن فإليكها.
Halaman tidak diketahui