155

ويدل على ذلك قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} إلى قوله : {فلم تجدوا ماء فتيمموا}[المائدة:6]، فجعل للمريض العدول عن الماء إلى التيمم، وهذا عام في كل مرض، فلما أجمع الجميع على أن المريض الذي لا يستضر بالماء لا يجوز له العدول عنه، خص ذلك، وبقي الباقي على عمومه، وهذا يصحح ما نذهب إليه من أن من خاف الزيادة في العلة، جاز له العدول عن الماء إلى التيمم، وهو الذي نص عليه القاسم عليه السلام فيما رواه عنه يحيى في (الأحكام) (من خشي التلف أو العنت من مجدور أو مريض، تيمم، وكان ذلك مجزيا) (1).

وأخبرنا محمد بن عثمان النقاش، حدثنا الناصر عليه السلام، حدثنا محمد بن منصور، أخبرنا أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، أن رجلا أتاه، فقال: إن ابن أخي به جدري، وقد أصابته جنابة، فكيف أصنع؟ فقال: "يمموه".

وهذا مقيس على من خاف التلف من استعمال الماء؛ بعلة أنه يخاف زيادة العلة من استعمال الماء، فكل من كان كذلك، جاز له العدول عن الماء إلى التيمم، والمخالف لنا يقيسه على من لا يخاف من الأعلاء ضررا من استعمال الماء كالمحموم، وما جرى مجراه، بعلة أنه لا يخاف التلف من استعمال الماء، وعلتنا مرجحة بالنقل؛ ولأنها مستندة إلى قول الله تعالى: {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[الحج:78].

مسألة [ في غسل الأقطع ]

قال القاسم عليه السلام، والأقطع يغسل ما بقي إلى الحد المحدود. وهذا منصوص عليه في (مسائل النيروسي).

والدليل على ذلك أن الله تعالى أوجب على المتطهر غسل اليدين إلى المرفقين بقوله: {وأيديكم إلى المرافق}[المائدة:6]، فكل جزء من أجزاء اليد إلى المرفق يجب غسله، فإذا سقط فرض بعضها بذهابه بالقطع أو غيره، بقي وجوب الغسل لسائره كما كان، وهذا أوضح مما يحتاج فيه إلى الإطالة.

Halaman 155