نفوسهم وأصبحوا في طاعة أهوائهم ليتحقق أن الزلل في طباع البشر موجود. والعصمة عن أكثرهم بائنة هذا على مالي في طلب ذلك من الكلفة والنصب إذ كان قليلا في كلامهم مغمورًا بمحاسنهم وكنت أفتقر إلى تأمل الديوان الكامل حتى أظفر منه بالكلمات اليسيرة فأوردها مثالا.
فأما اقتصاري في أكثر ما أمثل به على المنظوم دون المنثور مع أن كلامي عليهما واحد فإنما أقصد ذلك لكثرة المنظوم واشتهاره ورغبتي في أن يسهل الوزن عليك حفظ ما أذكره فإنه داع قوى وسبب وكيد.
والخامس: أن تكون الكلمة جارية على العرف العربي الصحيح غير شاذة ويدخل في هذا القسم كل ما ينكره أهل اللغة ويرده علماء النحو من التصرف الفاسد في الكلمة. وقد يكون ذلك لأجل أن اللفظة بعينها غير عربية. كما أنكروا على أبي الشيص قوله:
وجناح مقصوص تحيف ريشه ... ريب الزمان تحيف المقراض
وقالوا: ليس المقراض من كلام العرب.
وتبعه أبو عبادة فقال:
وأبت تركي الغديات والآ ... صال حتى خضبت بالمقراض
فعابوه عليهما معًا. وقد تكون الكلمة عربية إلا أنها قد عبر بها عن غير ما وضعت له في عرف اللغة كما قال أبو تمام:
حلت محل البكر من معطى وقد ... زفت من المعطى زفاف الأيم١
_________
١ ضمير حلت لصلة الممدوح وحلولها محل البكر عنده لأنها كانت أولى صنائعه له ويعني بزفافها زفاف الأيم من المعطى أنه أعطى مثلها كثيرا لغيره.
1 / 77