وقال أبو عبادة:
يشق عليه الريح كل عشية ... جيوب الغمام بين بكر وأيم
فوضع الأيم مكان الثييب وليس الأمر كذلك. ليس الأيم الثيب في كلام العرب إنما الأيم التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا. قال الله ﷿: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ ١ وليس مراده تعالى نكاح الثيبات من النساء دون الأبكار وإنما يريد النساء اللواتي لا أزواج لهن. وقال الشماخ بن ضرار:
يقر بعيني أن أحدث أنها ... وإن لم أنلها أيم لم تزوج
وليس يسره أن تكون ثيبًا. وقد حكى أن بعض كبار الفقهاء وهو محمد بن إدريس الشافعي٢ غلط في ذلك والصحيح ما ذكرناه.
ومثال هذا أيضا قول أبي تمام:
ما مقرب يختال في أشطانه ... ملآن من صلف به وتلهوق٣
يريد بالصلف هنا الكبر والتيه وهذا مذهب العامة في استعمال هذه
_________
١ سورة التوبة الآية ٣٢.
٢ هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلبي أبو عبد الله أحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة وإليه نسبة الشافعية كافة ولد في غزة بفلسطين وحمل منها إلى مكة وهو ابن سنتين ارتحل إلى مصر سنة ١٩٩وتوفي فيها كان الشافعي أشعر الناس وأدبهم وأعرفهم بالفقه والقراآت وكان ذكيا له تصانيف كثيرة أشهرها كتاب الأم في الفقه ومن كتبه أيضا المسند في الحديث وأحكام القرآن والسنن والرسالة في أصول الفقه وغيرها كثير.
٣ هو من قصيدة له يمدح فيها الحسن بن وهب ويصف فرسا حمله عليه وجملة ما مقرب مبتدأ وخبر على الاستفهام والمقرب المكرم على أهله ويختال في أشطانه أي يختال وإن كان مشكولا والتلهوق التخذلق يعني عزة نفس الفرس.
1 / 78