هنا موقعًا لو كانت فصيحة هجنها وأذهب طلاوتها. كيف وهي على ما تراه. فأما قول أبي الطيب المتنبي:
إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها
فلا شيء أقبح من ذكر السراويلات وما أعرف كناية أشهد الله أن التصريح أجمل منها ووصف عفة سلوك لريب والنهم أحسن من التلفظ بها إلا كناية أبي الطيب هذه ونعته عفافه هذا النعت.
ومن الألفاظ العامية أيضًا قوله:
خلوقية في خلوقيها ... سويداء من عنب الثعلب١
فإن عنب الثعلب مما أقول إن العامة لو نظمت شعرًا لترفعت عن ذكره.
وليس ايرادي هذه الأمثلة على جهة الطعن على هؤلاء الشعراء الفضلاء والغض منهم.
وكيف يكون ذلك وسأورد من غرائبهم وبدائع كلامهم ما يعلم معه أننا تحت تقصير عن شأوهم ويقع العجز عن أدراك القريب من غاياتهم. لكني إذا أحتجت إلى إيراد الأمثلة في المختار والمنبوذ والمحود والمذموم فلا معدل لي عن أشعارهم وتصفح نظمهم وأخذ ما أريده منها وإيراده عنها في الصنفين معًا.
ومن الألفاظ العامية أيضا قول أبي تمام في رواية أبي القاسم:
لو كان كلفها عبيد حاجة ... يومًا لزنى شدقمًا وجديلا٢
_________
١ هو من قطعة له في وصف عين باز يقول: إن مقلته صفراء مثل لون الخلوق وهو ضرب من الطيب أصفر اللون واتسان عينه كأنه الحبة الصغيرة من عنب الثعلب.
٢ الضمير في كلفها للناقة وعبيد اسم الراعي الشاعر وشدقم وجديل فحلان كانا للنعمان.
1 / 74