التخريج الفصل المميز والفضل اللائح إنما هو للإفصاح والبيان والبلاغة وحسن النطق دون ما يسمى كلامًا فقط. ووجب على من أراد أن يخرج من حيز ذلك الصامت الناطق١سلوك الطريق الذي به توجد الفضيلة وعنه تدرك الميزة باجتهاده إن كان لا دربة له وتكلفه أن كان لا طبع عنده. وليعلم أن من شارك الناطق بالصورة وخالفه بالمعنى الموجب للشرف أسوأ حالًا وأقبح صفة من الصامت المخالف في الأمرين معا. لأن هذا غريب في الموضع الذي وجد فيه آهلا ووحيد في المكان الذي خلق به آنسًا.
وما أحسن ما قال إبراهيم بن محمد المعروف بالإمام٢يكفى من حظ البلاغة أن لا يؤتى السامع من سوء إفهام الناطق ولا الناطق من سوء فهم السامع. وهذا كلام مختار في تفضيل البلاغة.
وقال سهل بن هرون الكاتب٣: العقل رائد الروح والعلم رائد العقل والبيان ترجمان العلم.
وأولى من هذا بالحجة قول النبي ﷺ للعباس وقد سأله فيم الجمال فقال: "في اللسان".
_________
١ في نسخة أخرى الناقص.
٢ هو إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب زعيم الدعوة العباسية قبل ظهورها أوصى له أبوه بالإمامة هو الذي وجه أبا مسلم الخراساني واليا على دعاته وشيعته في خراسان كان فصيح اللسان راجح العقل يروي الحديث والأدب عرف باسم إبراهيم الإمام توفي سنة ١٣١هـ.
٣ هو سهل بن هارون بن راهبون أو راهيون أبو عمر الدستميساني كاتب بليغ حكيم من واضعي القصص يلقب بزرجمهر الإسلام اتصل بهارون الرشيد وارتفعت مكانته عنده حتى أحله محل يحيى البرمكي صاحب دواوينه ثم خدم المأمون فولاه رياسة خزانة الحكمة ببغداد له كتبا كثيرة منها: الإخوان، والمسائل، وتدبر الملك والسياسة، والنمر والثعلب وغيرها كثير.
1 / 61