سافر سنة مكة شرفها الله تعالى وسار معه بعض إخوانه زهاء أربعة أو خمسة فاهتم رحمه الله تعالى(1) لكل واحد منهم في عباءة، ورداء، [وهاديا](2) إلى قدر اثني عشر عباءة لإخوانه المودين والمنقطعين، وما رأيته لبس عمامة إلى(3) في آخر مدته خشية البرد، فكان يلبس عمامة من خلق بساط، وتارة خلقه (4) منيلة، وكان نعله من نعال الحجاج مقلوبة الجلد، وكان إذا سافر أخذ عصا في يده، وركوة، وحبلا مربوطا فيها.
وفي الركوة كيس فيه إبر، وخيوط، ومقراض، وموس، ومسواك، وأخلة، وقراطيس أدعية وصلوات للأيام والليالي، هذه أهبة سفره، وشمله، وإزاره، وسفره للصلاة.
وكان يسافر في كل سنة في الأغلب، تارة يزور إخوانه بصعدة، وظفار، وحوث، وقعرة(5).وثلاء، وتارة يزور إخوانه بجهران، ومعبر، وذمار، ومصنعة بني قيس، وخبان، ويتفقد أحوالهم، ويسعى لمن خلف أيتاما في سدادهم من حيث يعرف، ويتفقد أولاد أخيه محمد بن أحمد، ويحثهم على الطاعة، ويرشدهم إلى الطريق الحسنة، ويتفقد إخوان أخته مريم رحمها الله تعالى، وأخواتها في الله، ويرم(6) لهم من النفقة والكسوة سدادهم، ويزور في كل عام شيخه في الدين، وقدوته في التقوى واليقين، إمام أهل السنة والكتاب، ولبابة أولي الألباب، زاهد اليمن والشام، والسيد الحصور القوام، المبرء من مقارفة الآثام، ولي العترة الكرام، الباذل نفسه لهم من كافة الأنام، تاج أهل الإيمان القاضي: حسن بن سليمان(7) توجه الله بتاج كرامته، وأزلفه بجواره، وأعاد من بركاته، فهو منشأ البركات في اليمن، والذي سن الحسنات والسنن، من كان يعرف في بلاد الزيدية من أهل الطريقة قبله أحد، ولا يتزيا بزي أهل العبادة والزهادة من أحد.
Halaman 91