وهو رحمه الله تعالى(1) وأهله من خلاصة شيعة آل محمد الطاهرين، ومن المجاهدين لأعدائهم المعتدين، نشأ على الزهد والورع والخوف والفزع ما لا يمكن شرحه، ولا يتكيف وصفه، حاز(2) العلم والعمل، ما كان يوجد في وقته مثله من أحد في علم الفقه والأخبار النبوية والتفاسير، سيما في فقه الناصر(3) عليه السلام، كان لباسه شملتين من خشن الصوف الأغبر وكوفية صوف.
وكان يأكل من الطيبات، وقال: هي تستدعي خالص الشكر، وكان يحي الليل قياما، والنهار ذكرا وفكرا ودرسا للعلوم، وكان يلزم الخلوة، ويقف في المساجد المهجورة، يغلق عليه فيها، وعمر مائة سنة واثنين(4) وثلاثين سنة فلما عجز عن القيام كان يحي الليل صلاة من جلوس، وكان له كرامات تروى وفضائل تحكى، منها أن جذم غزوا اليمن [وهم الترك](5) قصدوهم إلى بلدهم وادي الجار، فلزموه وساروا به نحو اليمن، كل رجل ممسك بيد وفارس من خلفه، قال لي رحمه الله تعالى: رمحه بين جنبيه فجعلت أقرأ {يس} وإذا أنا مستقيم والرجالين سايرين، والفارس، وأنا مستقيم حتى تواروا عنى بحمد الله.
ومنها روى [لي](6) سيدي إبراهيم بن أحمد (7) قال: زاره الخضر عليه السلام أربع مرات يكالمه ويحادثه، ويعلمه أدعية مجابة.
ومنها قال لي: نزعت في الليل من بير (8) في الجلب دلوا وأردت أزيد الآخر، سمعت قائلا يقول: قد دلوا يا سيدي(9)، يكفيك، قال: وأظنه يا ولدي من الجن.
Halaman 92