لا يشبع منه الناظر، ولا يروى منه الخاطر. كاد النجم يحكيه والشمس تشبهه. صورة تجلو الأبصار، وتخجل الأقمار. شادن منتقب بالبدر، مكتحل بالسحر. ما هو إلا نزهة الأبصار، وبدعة الأمصار. غمزات طرفه، تخبر عن ظرفه، ومنطقته تنطق بوصفه. وجهه قيد الأبصار، وأمد الأفكار، ونهاية الاعتبار. تخال الشمس برقعت غرته، والليل ناسب أصداغه وطرته. الحسن ما فوق أزراره، والطيب ما تحت إزاره، شادن يضحك عن الأقحوان، ويتنفس عن الريحان، كأن قده سكران من خمر طرفه، وبغداد مسروقة من حسنه وظرفه، قد أعجمت يد الجمال، نون صدغه بخال. له عينان حشو أجفانهما السحر. كأنه أعار الظبي جيده والغصن قده. والراح ريحه والورد خده، الشكل في حركاته، وجميع الحسن بعض صفاته. قد ملك أزمة القلوب، كأنما سمه الجمال بنهايته، ولحظه الفلك بعنايته، فصغه من ليله ونهاره، وحلاه بنجومه وأقماره، ونقشه ببدائع آثاره، ورمقه بنواظر سعوده، وجعله بالكمال أحد حدوده قد صبغ الحياء غلالة وجهه، ونثر لؤلؤ العرق على ورد دهن تكاد الالحاظ تسفك عن خده دم الخجل. طرة كالغسق، على غرة كالفلق، جاءنا في غلالة تنم على ما تستره، وتجفو مع رقتها عما تظهره. وجه بماء الحسن مغسول، وطرف بمرود السحر مكحول. ثغر حمي حماي الثغور، وجعل ضرة لقلائد النحور. السحر في ألحاظه، والشهد من ألفاظه. كأنه خاصم الولدان، ففارق الجنان. وهرب من رضوان. اختلس قامة الغصن، وتوشح بمطارف الحسن، وحكى الروض غب المزن، الأرض مشرقة بنور وجهه، وليل ألسرار في عيال شعره، والجنة مجتناة من قربه، وماء الجمال يترقرق في خده، ومحاسن الربيع بين سحره ونحره، والقمر فضلة من حسنه، والشمس من حملة عرشه، ما هو إلا خال في خد الظرف، وطراز على الحسن، ووردة في غصن الدهر ونقش على خاتم الملك، وشمس في فلك اللطف.
1 / 30