إبلا ويومئذ أحد الخلعاء الفتاك قد تبرأ قومه من جرائره فكان عنده ما شاء الله. ثم هم أن يغلبه على أهله وماله ففطن امرؤ القيس بشعر كان عامر ينطق به وهو قوله:
فكم بالسعيد من هجان مؤبله ... تسير صحاحا ذات قيد ومرسله
أردت بها فتكا فلم ارتض له ... ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله
وكان عامر أيضا يقول الشعر ويعرض بهند أخت امرئ القيس.
قالوا فلما عرف امرؤ القيس ذلك منه خافه على أهله وماله فتغفله وانتقل إلى رجل من بني ثعل يقال له حارثة بن مر فاستجاره فوقعت الحرب بين عامر وبين الثعلي فكانت في ذلك أمور كثيرة. قال دارم بن عقال في خبره: فلما وقعت الحرب بين طيء من أجله خرج من عندهم. فنزل برجل من بني فزازة يقال له عمرو بن جابر بن مازن فطلب منه الجوار حتى يرى ذات غيبه فقال له الفزازي: يا ابن حجر إني أراك في خلل من قومك وأنا أنفس بمثلك من أهل الشرف وقد كدت بالأمس تؤكل في دار طيء. وأهل البادية أهل بر لا أهل حصون تمنعهم وبينك وبين اليمن ذؤبان من قيس أفلا أدلك على بلد تلجأ إليه فقد جئت قيصر وجئت النعمان فلم أر لضعيف نازل ولا لمجتهد مثله ولا مثل صاحبه. قال: من هو وأين منزله. قال: السموأل بتيماء وسوف أضرب لك مثله هو يمنع ضعفك حتى ترى ذات غيبك وهو في حصن حصين وحسب كبير. فقال له امرؤ القيس: وكيف لي به. قال: أوصلك إلى من يوصلك إليه. فصحبه إلى رجل من بني فزارة يقال له الربيع بن ضبع الفزاري ممن يأتي السموأل فيحمله ويعطيه. فلما صار إليه قال له الفزاري: إن السموأل يعجبه الشعر فتعال نتناشد له أشعارا. فقال امرؤ القيس: قل حتى أقول. فقال الربيع:
قل للمنية أي حين نلتقي ... بفناء بيتك في الحضيض المزلق
وهي طويلة يقول فيها:
ولقد أتيت بني المصاص مفاخرا ... وإلى السموأل زرته بالأبلق
فأتيت أفضل من تحمل حاجة ... إن جئته في غارم أو مرهق
عرفت له الأقوام كل فضيلة ... وحوى المكارم سابقا لم يسبق
قال: فقال امرؤ القيس (من الكامل) :
طرقتك هند بعد طول تجنب=وهنا ولم تك قبل ذلك تطرق قال صاحب الأغاني: وهي قصيدة طويلة وأظنها منحولة لأنها لا تشاكل كلام امرئ
Halaman 30