48

Syaitan Berbicara

الشيطان يعظ

Genre-genre

فتفكر قليلا ثم قال: ليكن، بوسعي بعد ذلك أن أقرر تجاهلها، بل لا معنى لتجاهلها إن لم أعرفها معرفة يقينية في منبعها، ولا بديل عن ذلك سوى العذاب.

فرفعت منكبيها في استسلام وهي تغيب في مهوى الشمس المخضب بالاحمرار، وقالت: نصحتني أمي بقطع علاقتي بك زاعمة أنها لن تجر وراءها إلا العذاب.

فقطب قلقا وهو يرمقها بعنف فقالت بهدوء: ولكنني رفضت النصيحة هازئة بما سمعت، فانظر إلى موقفك أنت! - أشكرك يا وداد، لا أتوقع منك قرارا آخر، ولكن لا تدعي الاستهانة، وإلا فما تفسير هذا الحزن القاتم الثقيل؟! - إنها الصدمة المباغتة، والانهيار المنقض، وانتثار الأسرة الواحدة! - فقال متنهدا: لذلك قررت السفر! - سافر إذا شئت، أما قلبي فإنه يتوجس أوخم العواقب.

فتوسد راحتها براحته وقال: حبنا ثابت راسخ، إنه مثل الضوء لا يعني اختفاؤه حينا إلا أنه يدور دورته ليريق ضحكته الإلهية في الصباح التالي.

8

ثمة جو جديد في قصر رأس الحكمة ينفث رائحته الكئيبة. جندي بك لم يعد نفس الرجل، ولا جميلة هانم، إنهما يبذلان جهدا لا يستهان به ليمارسا حياتهما اليومية في هدوء وطمأنينة، كما كان الحال قبل الجريمة. الأسى يتجلى وراء الأقنعة كما يتجلى العمر وراء التصابر. أما هو فلم يلبس قناعا ولم يبال بمشاعر الآخرين. وكانوا يحتسون القهوة بعد الغداء في حجرة الجلوس الزرقاء عندما فاجأهما بقوله: إني أستأذن في السفر.

وقالت أمه بقلق: لم أتوقع ذلك، ولم يبق على الامتحان إلا أقل من شهرين. - إني لا أكاد أعمل، وبي اضطراب لا يمكن تجاهله، فلا بد من رحلة قصيرة للنقاهة. - كان يجب أن تكون قد تغلبت على الكدر. - لم أوفق إلى ذلك. - ولكن أين تسافر؟

فأجاب بثبات: إلى مرسى مطروح.

فسأله جندي بك: أهذا قرار ضروري؟ - أعتقد ذلك، بضعة أيام أسترد بها صفائي.

وهمت أمه بالاعتراض، ولكن جندي بك قال: فليذهب، وسوف يرجع على أحسن حال.

Halaman tidak diketahui