تكلفه، وأتى بما هو أليق بصنعته، ولكنَّ العارف بقدره معدوم، والعالم بمواضع الخلل مفقود (١) .
هذا النقد نفسه أورده المسعودي في مروج الذهب (٢)، ولكنه لم يوجهه إلى كتاب الهرج والأحداث وإنما وجهه إلى سنان بن ثابت نفسه، إذ قال: " ورأيت سنان بن ثابت بن قرة البحراني حين انتحل ما ليس من صناعته واستنتج ما ليس من طريقته قد ألف كتابًا جعله رسالة إلى بعض إخوانه من الكتاب؟. إلخ "
ومن الواضح هنا أن الوهم قد تلبَّس بنصّ السخاوي لورود الخبر عن أبن أبي الأزهر وعن سنان متواليين في مروج الذهب، ومما يؤيد ذلك أن لا أحد يدفع ابن أبي الأزهر عن المشاركة في التاريخ، لأن المسعودي نفسه - وهو الذي ينقل عنه السخاوي - قد أباح لنفسه النقل عن تاريخ أبن أبي الأزهر، ثم أن المشهور بمعرفة إقليدس والمجسطي والمنطق والفلسفة والطب هو سنان بن ثابت، ولا علاقة لابن أبي الأزهر بهذه العلوم، فكيف يحثُّ على التزام خطة ليس لها فيه أدنى نصيب؟
(٣) كتاب في التاريخ اشترك في تأليفه مع القطربلي، وقد عرف المسعودي هذا الكتاب ونقل عنه دون أن يسميه، فحيث تجده يقرن بين الاسمين فمعنى ذلك أنه ينقل عن ذلك الكتاب، وذلك مثل قوله: حدث عبد لله بن الحسين بن سعد الكاتب (يعني القطربلي) وابن أبي الأزهر عن محمد بن يزيد النحوي المبرد؟ الخ (٣) . ونقل عنه الزبيدي في طبقات النحويين فقرة تتعلق بالمبرد (٤)، كما اطلع ابن القارح عليه ونقل عنه حكاية عن أحد المتنبئين، وظن أنها تدور حول أبي الطيب المتنبي، فقال ابن القارح: حكى القطربلي
_________
(١) الإعلان بالتوبيخ: ١٥٧ وروزنتال: ٦٩٤.
(٢) مروج الذهب ١: ١٦.
(٣) مروج الذهب ٤: ٣٦٧.
(٤) طبقات النحويين: ١٠١.
1 / 25