Rocambole
الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)
Genre-genre
فكان فيليبون يهرب من وجهها، وقد شعر بدنو الأجل، وهي تجد في أثره، فبينما هي هاجمة عليه إذ وقفت متكئة على كرسي وصاحت صيحة ألم أضلت صوابها.
ذلك أن المخاض فاجأها، وأحست بابن ذلك الرجل يتحرك بأحشائها، فسقطت على الأرض واهية القوى بغير حراك، وكان مخاضها علة نجاة ذلك الرجل الذي عزمت أن تقوده إلى النطع، ذلك الخائن القاتل الذي لم ينقذه من انتقامها سوى ولده الذي كان يشفع به في أحشائها.
5
مضى على تلك الحوادث الهائلة أربعة وعشرون عاما، نعود بعدها إلى قص ما ستقفون عليه من حوادث، كان بدؤها في أواخر أكتوبر من عام 1840.
كان في إحدى ليالي هذا الشهر رجل يحكم عليه من لباسه أنه فرنسي الأصل، قطع نهر التيبر وسار إلى تراستاقر ماشيا مشية الفاكر المتأني.
وكان في عنفوان الشباب، له من العمر ثمانية وعشرون عاما، جميل الهيئة حسن الوجه أسود العينين ذو جبين متجعد، يدل على شدة معاناة ذلك الشاب لمتاعب الحياة لندور الغضون في جباه الشبان.
وكان يسير الهويناء في طريق ضيق إلى أن بلغ منزل قائم عند منتصف ذلك الطريق تعرش على جدرانه الدوالي الأيرلندية، وقد تهدلت أغصانها، واختبأت عناقيدها الذهبية تحت الأوراق، وكانت جميع نوافذ المنزل مغلقة، والسكوت سائدا شاملا، والنسيم بليلا لطيفا، والقمر تتماوج أشعته فوق الدوالي، فلا يسمع إلا حفيف الأوراق وتململ العناقيد.
فوقف الشاب عندما بلغ الباب، وفتحه بمفتاح صغير كان في جيبه، فولج منه إلى دهليز ضيق إلى أن وصل إلى سلم طويلة من المرمر كان في أسفلها غرفة فدخلها، وقد استاء إذ لم ير بها أحدا، فصعد السلم بمنتهى السرعة والقلق إلى أن بلغ إلى غرفة، فوقف أمامها يلهث من التعب، وطرق الباب فسمع صوتا لطيفا من الداخل قال له: ادخل.
فدخل ورأى صاحبة هذا الصوت مضطجعة على مقعد في تلك الغرفة المفروشة بأجمل الأثاث.
وكانت الصبية على غاية من الجمال تكاد تبلغ العشرين من العمر، فمذ رأته نهضت مسرعة، وهرعت إليه تقول ببشاشة وارتياح: لقد طال غيابك يا أرمان، فإني أنتظرك منذ حين.
Halaman tidak diketahui