============================================================
وأوعدهم بمواعيد كثيرة، وضمن له الامرة وغيرها، وما زال بهم إلى أن انعموا بالبيع بعد ما عرفوه أن هذه وقف وليس لأحد فيه تصريف، وكان ذلك جل قصد الورثة لتحصيل شيء ينتفعوا به. واتفق الحال على ذلك، وعرف السلطان، فطلب علاي الدين ين هلال الدولة، ورسم أن يأخذ صحبته شهود القيمة، وينزل يقوم الدار ويعمل أموره فيها على الوجه الشرعي فنزل وصحبته شهود القيمة، وكثت ممن صحبه ذلك اليوم عند نزوله إليها، وجدنا دار لا يمكن انه بني على أرض مصر والقاهرة صفة البناء المحكم الذي كان فبها، وحسن صنعتها والرخام والذهب والأبواب جميعها مطعمة عاج وأبنوس وعمارة متقنة لا يمكن أن يكون في مثل ذلك الوقت ، ووجدت مكتوب تاريخها في الدولة الظاهرية سنة تسع وخمسين وستماية، وكان الصانع كما خرج منها في كل صنعة كانت من الرخام إلى الذهب إلى البياض. ولما رايناها دهش كل أحد لها، ووقف شهود القيمة، وفيهم ابن بلوبة، فنظر إليه ابن هلال الدولة، وقال: قوم يا قاضي. فصار يمشي في جوانبها وينظر إلى رفقته، وأخر الحال انتهى آنه قوم الدار جميعها بماية وتسعين ألف درهم، وتكون الغبطة للأيتام عشرة، فيكون الثمن مايتي ألف درهم. فنظر إليه ابن هلال الدولة، وقال : يا ابن بلوبة ، ترى اين يكون مقعدك في جهنم؟ تقوم هذه الدار بمايتي الف درهم! فقلت جوابا له : يا أمير، هذا المقوم، فأين يكون من يستحل بيع هذه الدار؟. قال لي : فوق هذا بطبقات من طبقات جهنم . وطلع عرف السلطان ذلك، ونزلوا للقاضي شرف الدين الحراني ، وأحضروا إليه كتبها ، فأخبري الشيخ الثقة فتح الدين ابن سيد الناس، شيخ الحديث، آنه وقف على كتبها، وكان عدد العدول الذي شهدوا فيها اثنين وتسعين عدل من جملة عدولها: القاضي تقي الدين ابن دقيق العيد، والقاضي ابن الرزين، والقاضي ابن بنت الأعز، كان ذلك الوقت لم يبلغوا درجة القضاء، وأنه لم يسمع بأفحش من حل هذا الوقف ووقف حمام قتال السبع، وأبيع ذلك على مذهب الحنبلي،
Halaman 13