قيل له: لو لم يكن نهيا ولا أمرا، لم تكن معصية، ولا طاعة. وإنما نهى عن المعصية، وقد أرادها وعلمها أنها تكون إذ نهى عنها؛ لأن النهي لو لم تكن معصية، لكان لا فائدة فيه. وكذلك أراد أن تكون معصية أرادها، وعلم أنها ستكون إذ نهي عنها.
وكذلك إن سألوا ما وجه إرسال الرسل، وقد علم أنهم لا يؤمنون، وإراد أن لا يؤمنوا، إذ أرسل إليهم الرسل؟
وإنما أرسل الرسل، ليكونوا حجة على من لم يؤمن. وليس للناس علىالله حجة. وإنما هذا عدل من الله، وحكمة بالغة، لأنه تعالى يقول: { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا } ولله الفضل والمنة. وبالله التوفيق.
الباب السادس والتسعون
في قضاء الكفر ثم يعذب عليه
قال المؤلف: فإن قيل: هل رضي الله المعاصي؟
قيل: لا. قال الله تعالى: { ولا يرضى لعباده الكفر } .
فإن قال: كيف قلتم: أرادها، ولم تقولوا: رضيها وأحبها؟
قيل له: إن الرضى بالفعل والمحبة ثواب من الله، ومدح له. والله تعالى لا يمدح المعاصي، ولا يثيب عليها. والإرادة صفة الله في ذاته.
ومعنى قولنا أرادها أنه لم يغلب عليها، ولم يكره على كونها. فلذلك قلنا: أرادها، ولم نقل رضيها، ولا أحبها. وبالله التوفيق.
الباب السابع والتسعون
في قضاء الله للكفر ثم يعذب عليه
إن قالت القدرية: أيقضي الله بالكفر، ثم يعذب عليه؟ فهذا توهم أن الله تعالى، قضى بالكفر على الكافر: أنه أجبره عليه. وليس ذلك كذلك. ولكن معنى قولنا: قضى على الكافر بالكفر: أي خلقه الله على يديه. فقضى الله بالكفر، أي خلق الله الكفر. وكذلك قدر الله عليه الكفر. وبالله التوفيق.
الباب الثامن والتسعون
في خلق الله أفاعيل العباد
والرد على القدرية في إنكار ذلك
اختلف الناس في أفعال العباد على ثلاث فرق.
فرقة قالت: العبد مكتسب، وكسبه خلقه لأفعاله. ولا تعلق بقدرة القديم، بأفعال العباد. وهي المعتزلة. فجعلوا العبد خالقا، مخترعا لأفعاله.
Halaman 80