وفرقة قالوا: ليس بمكتسب لشيء، ولا قدرة له، فهو كالباب، إذا حرك تحرك.
وفرقة قالت: إن الله تعالى خلق أفعال العباد، مخترعا لها. والعباد مكتسبون لها. فعلى هذا الأصل، يكون الفعل الواحد مخلوقا مكتسبا، في زمن واحد.
فمن قال: إن الفعل خلق العباد، جعل الله خالقا غيره. والله تعالى يقول: { هل من خالق غير الله - الله خالق كل شيء } .
ومن نفى القدرة عن العباد بالكلية، أسقط تكليف الشرع؛ لأن الشرع راع للقدرة في التكليف وقال الله تعالى: { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
ومساق مذهب هؤلاء: أنه لا فرق بين تكليف الصلاة، وتكليف الطيران في الهواء.
وأما القائلون: إن العبد مخترع لأفعاله. فقولهم باطل؛ لأنهم جعلوا أنفسهم شركاء لله في الخلق. والله تعالى يقول: { هل من خالق غير الله } وقال: { خلقوا
كخلقه } يسيرهم بذلك. فكيف يكون أحد من خلقه، خالقا كخلقه -تعالى الله- أن يشبهه أحد من الخلق والاختراع، مع أن الخالق من شرطه أن يكون عالما بتفاصيل ما خلق وقد قال الله تعالى: { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } .
والعبد لو سئل عن إعداد حركاته، في ليله أو نهاره، ما علم ذلك وقد يتحرك مع شهوة للحركة. فكيف يكون خالقا لها، وهو لها شاه مشقة؟. فكيف يكون خالقا، من كان ساهيا عن مخلوقاته؟ وقد يفعل الأشياء وهو، فيحال فعلها، ناسيا للقصد الذي يريده، ولا يقدر يذكر ، ليرجع إلى سبيل القصد الذي أراد العمل له؟ فكيف يكون خالقا لأفعاله، ويفعل الأشياء على أنها صواب، فيأتي بالخطأ، فكيف يكون خالقا لأفعاله، ولكن أفعال العباد من الله: خلق، ومن العباد: اكتساب: عمل وكسب والله خالق كسبهم، في حال ما يكسبون لا قبل ذلك، ولا بعد، فهذا ول المسلمين.
فإن قال: أليس تقولون: إن ما خلق الله فقد فعله وصنعه؟
قيل له: نعم. نقول ذلك في جملة الأشياء، ولا نقول ذلك مطلقا وفي بعض الأشياء مطلقا في ذلك.
فإن قال: أليس تقولون: إن الله خالق الكفر؟
قيل له: نعم.
Halaman 81