في أن لا يكون اختلافها دليلا على البداء، أو على أنها ليست من فعل حكيم؟ هذا كله والتوراة التي في أيدي اليهود يقرأونها وهي تنطق بالنسخ، وتفصح به؛ وذلك أن فيها الأخبار عن حدوث شريعة الختان (¬1) وشبهه، بعد أن لم يكن مشروعا، وأن حكمه إنما حدث بعد مولد إسحاق عليه السلام بأن يختتن المولود في اليوم الثامن من مولده، فختن إبراهيم ابنه إسحاق في اليوم الثامن من مولده، وختن نفسه في ذلك الوقت بعد أن صار شيخا، وختن ابنه إسماعيل وهو غلام ابن بضع عشرة سنة، وختن من كان على مذهبه ودينه حينئذ من الناس، فصارت سنة الختان في اليوم الثامن من ولادة المولود، وهذا الذي ذكرناه منصوص عندهم في التوراة، وأيضا فإن التوراة عندهم الجمع بين الأختين قد كان حلالا مطلقا، وأن يعقوب جمع بين الأختين إلى أن حرم الله ذلك بحكم التوراة.
وأيضا فإن في التوراة أن إسرائيل جعل على نفسه لما ناله ضلع (¬2) في رجله من عرق النسا ألا يأكل العروق، فصار ذلك سنة في بني إسرائيل، وقد كان إسرائيل قبل ذلك لا يجتنبها.
¬__________
(¬1) الختن: كل من كان من قبل المرأة مثل الأب والأخ؛ وهما (الأختان)، وختنت الصبي من باب ضرب ونصر، والاسم (الختان) و(الختانة)، والختان: موضع القطع من الذكر، ومنه قوله عليه السلام: "إذا التقى الختانان وجب الغسل". رواه الإمام مسلم في كتاب الحيض 88 بسنده عن أبي موسى الأشعري بلفظ: "ومس الختان الختان فقد وجب الغسل". راجع صحيح الإمام مسلم، والمفردات في غريب القرآن.
(¬2) الضلع: بوزن العنب، واحد الضلوع والأضلاع، وتسكين اللام جائز، والضالع: الجائر، والضلع بوزن الضرع: الميل والجنف، وبابه قطع، قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "أعوذ بك من ضلع الدين"، أي ثقل الدين، يقال ضلعك مع فلان أي ميلك معه وهواك، وفي المثل: لا تنقشي الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها.
Halaman 92