الدمية: «وما كنت أعلم أن له القريض، حتى قرأت له مرثية فى المتنبى. . .».
على أنه يقع له من الشعر ما يأخذ بالقلوب، ويأسر الألباب.
وشعره فيما يمسه، من فقد حبيب أو غزل فيه، أو فخر بعلمه ومآثره. ولا نرى له شعرا فى مدح ملك إلا لماما.
ومن شعره مرثيته فى المتنبى التى بها الباخرزى. وفيها يقول:
غاض القريض وأودت نضرة الأدب … وصؤحت بعد رى دوحة الكتب
سلبت ثوب بهاء كنت تلبسه … كما تخطف بالخطية السلب
ما زلت تصحب فى الجلى إذا انشعبت … فلبا جميعا وعزما غير منشعب
وقد حلبت لعمرى الدهر أشطره … تمطو بهمة لا وان ولا وصب
من للهواجل يحيى ميت أرسمها … بكل جائلة التصدير والحقب
قباء خوصاء محمود علالتها … تنبو عريكتها بالحلس والقتب
وترى من هذا ميله للغريب.
وله فى الغزل:
غزال غير وحشى … حكى الوحشى مقلته
رآه الورد يجنى الور … د داود فاستكساه حلته
وشم بأنفه الريحا … ن فاستهداه زهرته
وذاقت ريحه الصهبا … ء فاختلسته نكهته
وهو شعر يسيل من الرقة، كما ترى.
وله فى الغزل أيضا:
تجبب أو تدع أو تقبا … فلا والله لا أزداد حبا
أخذت ببعض حبك كل قلبى … فإن رمت المزيد فهات قلبا
تجبب، أى البس الجبة، وتدرع: البس المدرعة-وهى ثوب من صوف-وتقبا، أى البس القباء. ويقع هذان البيتان فى كثير من الكتب محرفين.
وله فى الحنين إلى الشباب وبكاء عهده الناضر:
رأيت محاسن ضحك الربي … ع طال عليها بكاء السحاب
وقد ضحك الشيب فى لمتى … فلم لا أبكى ربيع الشباب
أأشرب فى الكأس كلا وحاشا … لأبصره فى صفاء الشراب
ترى فى هذا معنى بديعا، فهو يتجنب الشرب فى الكأس خشية أن يرى فى صفائها شيبه، فتناله الحسرة ويأخذ الجزع.
وله قصيدة طويلة يفخر فيها، مطلعها:
وحلو شمائل الأدب … منيف مراتب الحسب
1 / 59