فارتبك فى إعرابه.
ومن آرائه النحوية التى لم يتابع فيها تجويزه إظهار متعلق الظرف الواقع خبرا فى الكون العام، نحو زيد عندك زيد عندك. قال ابن يعيش فى شرح المفصل ٩٠/ ١: «وقد صرح ابن جنى بجواز إظهاره».
ومن هذا أنه فى الخصائص ١٠٦/ ١،٣٤٢ يجيز أن يقال: مررت بزيد وعمرا، بعطف عمرا على محل زيد المجرور بالحرف، وهذا لا يجيزه النحويون؛ لأن شرط العطف على المحل عندهم ظهور الإعراب المحلى فى فصيح الكلام. وانظر المغنى فى مبحث العطف من الكتاب الرابع.
ومن آرائه التى خالف فيها اصطلاح النحويين ما يراه فى علل منع الصرف. فهو فى الخصائص ١٠٩/ ١ يقول: «ألا ترى أن الأسباب المانعة من الصرف تسعة: واحد منها لفظى، وهو شبه الفعل لفظا؛ نحو أحمد ويرمع وتنضب وإثمد وأبلم وبقم وإستبرق. والثمانية الباقية كلها معنوية؛ كالتعريف والوصف والعدل والتأنيث وغير ذلك» واصطلاح النحاة المتأخرين أن المعنوى منها التعريف والوصف، وما عدا هذين لفظى.
ومن آرائه أنه يرى فى بغىّ فى معنى الفاجرة أن زنتها فعيل لا فعول. ويقول الزمخشرى فى الكشاف فى تفسير سورة مريم عند قوله تعالى: ﴿قالَتْ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾: «والبغى: الفاجرة التى تبغى الرجال. وهى فعول عند المبرد: بغوى، فادغمت الواو فى الياء. وقال ابن جنى فى كتاب التمام: هى فعيل. ولو كانت فعولا لقيل:
بغو؛ كما قيل: فلان نهو عن المنكر».
***
شعره:
كان لابن جنى شعر. ويقول ابن الأثير وابن ماكولا: «وله شعر بارد». وكأن أساس هذا الحكم منهما أن ابن جنى كان يتعاطى فى شعره الغريب والمعقد من الأساليب، وأنه لم يكن يعنى بالشعر، فقد كان همه العلم، وكان غناه به، وكانت به حظوته عند الملوك وذوى السلطان، فلم يكن يحتاج إلى الشعر يسمتيح به.
ويقول الثعالبى: «وكان الشعر أقل خلاله، لعظم قدره وارتفاع حاله».
وابن الجوزى أحسن رأيا فيه، فهو يقول: «وكان يقول الشعر ويجيد نظمه»، وكذلك من قبله الخطيب فى تاريخ بغداد يقول المقالة السالفة.
وقد كان ابن جنى-لما أسلفت-مقلا من الشعر، غير مشهور به. ويقول الباخرزى فى
1 / 58