أخى فخر مفاخرة … عقائل عقلة الأدب
له كلف بما كلفت … به العلماء ملعرب
وقد أورد له الثعالبى فى اليتيمة:
أيا دارهم ما أنت أنت مذ انتووا … ولا أنا مذ سار الركاب أنا أنا
وجنود المنى ألا يكاثر بالمنى … ونيل الغنى ألا يكاثر بالغنى
ومن كان فى الدنيا أشد تضورا … يجده عن الدنيا أشد تصونا
ومما أذكره فى هذا الموطن أن صاحب تاريخ الموصل أورد من شعره:
شواهد عيناى أنى بها … بكيت حتى ذهبت واحدة
وأعجب الأشياء أن التى … قد بقيت فى صحبتى زاهدة
وهذا شعر لأبى الحسن على بن منصور أورده له ابن خلكان فى ترجمة ابن جنى فى صدد الكلام على شعره الذى يذكر فيه عوره، على ما سلف.
***
وفاته:
بلغ ابن جنى المنهل الذى يرده كل من على ظهرها، ورحل عن هذه الحياة فى يوم الخميس السابع والعشرين من صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة. ويكاد الرواة يجمعون على سنة وفاته، إلا ما كان من ابن الأثير فى تاريخه، فهو يضع وفاته سنة ٣٩٣، وتبعه على هذا أبو الفداء فى المختصر.
ويبدو أن وفاته كانت ليلا، أى ليلة الجمعة. ففى فهرست ابن النديم: «توفى ليلة الجمعة».
وفى «ديوان الشريف الرضى» عند إيراد مرثيته فى ابن جنى: «وتوفى ببغداد ليلة الجمعة».
وفى «الديوان» أيضا فى الموطن السابق: «وتولى الصلاة عليه الشريف الرضى؛ وكان بينهما صداقة وكيدة».
وقد كانت وفاته ببغداد، حيث استقر فى آخر أيامه. ودفن فى مقابرها، ولا أدرى فى أيها دفن، ودفن أبو علىّ أستاذه فى الشونيزية، فهل دفن فيها بجوار شيخه.
وقد رثاه الشريف الرضى بقصيدة عامرة عدتها تسعة وخمسون بيتا، مثبتة فى ديوانه، يقول فى أولها:
ألا يا لقوم للخطوب الطوارق … وللعظم يرمى كل يوم بعارق
وللدهر يعرى جانبى من أقاربى … ويقطع ما بينى وبين الأصادق
وللنفس قد طارت شعاعا من الجوى … لفقد الصفايا وانقطاع العلائق
لها كل يوم موقف من مودع … وملتف فى عقب ماض مفارق
نجوم من الإخوان يرمى بها الردى … مغاربها فوت العيون الروامق
1 / 60