Sejarah Mesir di Zaman Khedive Ismail Pasha
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
Genre-genre
وربما كان السبب الذي حمل نوبار باشا على المجاهرة بذلك القول أخبار السوء المبالغ فيها، الواردة عن فرنسا في الجرائد الأجنبية، والتي جعلت القوم بمصر يعتقدون ذلك البلد ممزقا تمزيقا على أيدي الأحزاب القائمة فيه عقب انخذال فرنسا في الحرب السبعينية.
فما كان من القنصل الفرنساوي إلا أن أجاب على قول نوبار باشا «بأن مصر هي الراغبة في إجراء الإصلاح القضائي، لا فرنسا؛ وأن هذه الدولة إزاء ذلك الرفض لا ترى سوى الامتناع عن المخابرات، حتى تأتيها خارجية مصر باقتراحات يمكنها قبولها».
فلما علمت نتيجة تصويت 20 نوفمبر سنة 1873، وتأكيد الملأ من قيام حكومة منظمة بفرنسا، عاد نوبار إلى مخابراته؛ وحاول الاتفاق مع المعتمد الفرنساوي على تعديل يوفق بين طلبات الفريقين، ومع تمسك المعتمد الفرنساوي بالتعليمات الواردة إليه من الخارجية الفرنساوية، رأى من الواجب عليه تفهيم تلك الوزارة بأن البقاء على الحال القضائية المعمول بها في ذلك الحين أمر محال وضار، الضرر كله، بالمصالح الفرنساوية ذاتها؛ لأنها حال فوضى حقيقية.
وكانت حكومتا النمسا والولايات المتحدة قد اقتدتا، في الأثناء، بحكومتي إنجلترا وإيطاليا؛ وصادقتا على آخر لائحة وضعت لتنظيم المحاكم الجديدة، مشترطتين موافقة مجلس نوابهما عليها؛ واتبعتهما، بعد قليل، الحكومة الألمانية أيضا في أبريل سنة 1874؛ كذلك كانت عقول الجالية التجارية الفرنساوية بدأت تتفتق إلى فهم المضار الناجمة للمصالح الفرنساوية عن استمرار حكومة ڨرسايل معارضة في الإصلاح، ومنفردة في عنادها عن باقي الدول؛ فلم يحجم المعتمد الفرنساوي عن إعلام رئيسه، وزير الخارجية، بذلك، بل إنه أرسل إليه في 25 يناير سنة 1874 عريضة مؤرخة 15 يناير عينه قدمها إليه نائبا الأمة الفرنساوية بمصر، المسيو موسو، والبارون ديلور دي جلئون، موقعة منهما ومن عدة فرنساويين مشتغلين في مشروعات أشغال عمومية هامة، يلتمسون فيها بإلحاح موافقة الحكومة الفرنساوية، السريعة، على الإصلاح، لئلا تتعطل مصالحهم ومصالح باقي أفراد الجالية.
فإزاء ذلك جميعه، رأى وزير الخارجية الفرنساوية، قبل الإقلاع عن خطته والانضمام إلى الدول المصادقة، أن يعين بالاتفاق مع زميله، وزير العدلية، لجنة خصوصية لفحص الموضوع تحت رياسة المسيو ڨنت، وكيل وزارة العدلية هذه، فعينت؛ وبعد أن باشرت عملها، وقامت بمهمتها قياما دقيقا، رفعت في يونيه سنة 1874 إلى وزير الخارجية الفرنساوية تقريرا بليغا يعبر عن رأي ثمانية من أعضائها التسعة، ويشير على الحكومة الفرنساوية بقبول الإصلاح القضائي، في الحال التي وصل إليها، أسوة بباقي الدول، واجتنابا لبقاء فرنسا وحيدة في مضمار، المضار فيه كثيرة وكبيرة، والفائدة معدومة.
ولكن بالرغم من ذلك، وبالرغم من أن الخديو - لاعتقاده أن الطريق مهدت نهائيا، وأن تشغيل المحاكم الإصلاحية بات مستطاعا - أقبل يخاطب بعض الدول في شأن القضاة اللازمين لها، وطلب إلى حكومة إيطاليا إرسال الكاڨالييرچيا كوني ليكون المستشار الإيطالي في محكمة الاستئناف العتيدة، استمرت الحكومة الفرنساوية على مخاوفها، وعلى معارضتها في أمر التفليسات، وأضافت إلى ذلك تشددا في تعيين قاضيين من جنسيات الدول السبع، الممثلة في لجنة القاهرة سنة 1869 لدى محاكم أول درجة، عدا المستشار المرغوب في تعيينه، من جنسية كل منها، في محكمة الاستئناف، وإن لم يمكن، فتعيين فرنساويين عضوين في النيابة العمومية.
فرأى الخديو، عملا بنصيحة السنيور چياكوني الذي كان قد قدم القطر في شهر يولية من السنة عينها، أن يلغي النص الخاص بالتفليسات من لائحة ترتيب المحاكم وقائمة اختصاصاتها، لكي يجرد المعارضة الفرنساوية من سلاحها؛ وأن يجيب الحكومة الفرنساوية إلى مطالبها المشتركة مع مطالب الحكومة النمساوية، وأعني بها: بقاء القناصل وأتباعهم خارجين عن دائرة اختصاص المحاكم الجديدة، وكذلك معاهد العبادة والعلم؛ والفصل في القضايا القائمة، قبل استتباب تلك المحاكم، بطريقة استثنائية يتفق عليها فيما بعد؛ وجلوس قاض أو مستشار من جنسية المدعى عليه دائما في الجلسات التي تنظر قضيته أمامها؛ ولكنه، مع وعده بزيادة عدد القضاة الفرنساويين، فيما لو أنشئت دوائر جديدة في المحاكم العتيدة، خلاف المنشأة بموجب لائحة الترتيب، رأى نفسه مضطرا إلى عدم إجابة الحكومة الفرنساوية إلى طلبها، المقصود منه تعيين قاضيين تابعين للدول السبع المذكورة في محاكم أول درجة.
فرفع المعتمد الفرنساوي إلى وزارة الخارجية، بڨرسايل، المذكرة المرسلة إليه من شريف باشا، والمبين فيها كل ما قبل الخديو به حسما للنزاع؛ ونصحه مرة أخرى بالإقلاع عن المعارضة، وقبول الإصلاح، فأجاب الوزير بالمصادقة على ما ورد في مذكرة شريف باشا، ووعد بعرض ما جاء فيها ولائحة ترتيب المحاكم الإصلاحية على الجمعية الأهلية العمومية حالما تجتمع لتصدق عليهما معا، فأمضى المعتمد الفرنساوي مع شريف باشا في 10 نوفمبر سنة 1874 محضرا ذكرت فيه التعديلات المتفق والمصادق عليها؛ وأرسله، ممهورا بإمضائه وإمضاء الوزير المصري، إلى الخارجية الفرنساوية، فأعلمت هذه الوزارة، بما جاء فيه ، عموم المعتمدين الفرنساويين، بمنشور أرسلته إليهم؛ وأبلغت الحكومة الفرنساوية الحكومة المصرية في ديسمبر سنة 1874 مصادقتها على مشروع الإصلاح القضائي، مؤقتا، حتى ترى الجمعية العمومية الأهلية رأيها فيه.
ولكنها عادت، بعد ذلك بقليل، وفتحت باب مشكلة جديدة بخصوص مقاصد الحكومة المصرية الاحتمالية في أن ترفع إلى المحاكم العتيدة ما قد يشجر من منازعات بينها وبين أعضاء الجاليات الأجنبية بشأن الرسوم والأموال والضرائب؛ وكلفت معتمدها بالإسكندرية بالحصول على ضمانة أكيدة تقي اتخاذ الخديو تلك المحاكم وسيلة لعسف يوقعه على الغربيين في باب المطالبة بالأموال الأميرية؛ فلم تلتفت الحكومة المصرية إلى هذا التمحك الجديد؛ وأعلن شريف باشا المركيز دي كازو، المعتمد الفرنساوي بالقطر، بأن الخديو، بعد مصادقة برلمانات معظم الدول على الإصلاح القضائي، وحضور معظم القضاة المعينين للمحاكم الجديدة، لم يعد يرى بدا من إقامة هذه المحاكم؛ وأنه عين يوم 28 يونية سنة 1875 لإجراء تلك الحفلة الرسمية؛ ويوم 18 أكتوبر التالي لبدء التقاضي أمام الهيئة الإصلاحية الجديدة؛ وأنه يرجو أن الجمعية الأهلية العمومية الفرنساوية تكون قد تمكنت، هي أيضا، قبل تاريخ 28 يونية المذكور، من اعتماد الإصلاح حتى لا تحرم مصر مساعدة أنوار معارف رجال القضاء الفرنساويين، قبل شروع تلك المحاكم بمباشرة أعمالها.
فأعاد وزير الخارجية الفرنساوية الكرة، وطلب من معتمد فرنسا بمصر الضمانة السابق طلبها منه بشأن الأموال والضرائب والرسوم الجمركية، فعادت المفاوضات بشأنها بين هذا المعتمد وشريف باشا، فأكد فيها الوزير المصري بناء على أمر صريح من (إسماعيل) اختصاص المحاكم الجديدة بالنظر في المنازعات التي قد تنجم بين المصالح الأميرية المصرية والأجانب بخصوص الرسوم الجمركية والأموال والضرائب المقررة والتي ستقرر؛ وعزم الحكومة المصرية الأكيد على عدم قبول تداخل القنصليات في ذلك جميعه.
Halaman tidak diketahui