وما كان في كتابي من حديث فيه وَهن شديد فقد بيّنته، ومنه ما لا يصحّ سنده، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح وبعضها أصحّ من بعض، وهذا لو وضعه غيري قلتُ أنا فيه أكثر.
وهو كتاب لا يرد عليك سنّة عن النّبيّ ﷺ بإسناد صالح إلَّا وهو فيه، إلَّا أن يكون كلام استُخْرِج من الحديث، ولا يكاد يكون هذا.
ولا أعلم شيئًا بعد القرآن ألزم للناس أن يتعلّموا من هذا الكتاب، ولا يضرّ رجلًا أن لا يكتب من العلم بعد ما يكتب (هذه الكتب) (١) شيئًا، وإذا نظر فيه وتدبّره وتفهَّمه حينئذٍ يعلم مقداره.
وأمّا هذه المسائل مسائل الثوري ومالك والشافعي، فهذه الأحاديث أصولها. ويعجبني أن يكتب الرّجل مع هذه الكتب مِنْ رأي أصحاب النبي ﷺ، ويكتب أيضًا مثل جامع سفيان الثوري فإنّه أحسن ما وضع النّاس من الجوامع.
(والأحاديث التي) (٢) وضعتُها في كتاب السنن أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئًا من الحديث، إلَّا أنّ تمييزها لا يقدر عليه كلّ النّاس، والفخر بها أنهّا مشاهير، فإنّه لا يحتجّ بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثّقات من أئمّة العلم. ولو احتجّ رجل بحديث غريب وجدتَ من يطعن فيه، ولا يحتجّ بالحديث الذي قد احتجّ به إذا كان الحديث غريبًا شاذًّا، فأمّا الحديث المشهور المتّصل الصّحيح فليس يقدر أن يردّه عليك أحد. قال إبراهيم النّخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث، وقال يزيد بن أبي حبيب: إذا سمعت الحديث فانْشُدْه كما تُنْشد الضّالة فإن عُرف وإلاّ فدَعْه.
_________
(١) في ب: "هذا الكتاب".
(٢) في ج: "والذي".
1 / 27