وأمّا المراسيل فقد كان يحتجّ لها العلماء فيما مَضى مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلّم فيه وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره، فإذا لم يكن المسند ضدّ المراسيل، ولم يوجد المسند فالمرسل يحتجّ به (١)، (وليس هو مثل المتّصل في القوّة) (٢).
وليس في كتاب السّنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث منكر بينّت أنّه منكر وليس على نحوه في الباب غيره.
وهذه الأحاديث ليس منها (٣) في كتاب ابن المبارك ولا كتاب وكيع إلَّا الشيء اليسير، وعامّة ما في كتاب هؤلاء مراسيل، وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح، وكذلك في مصنّفات حمّاد بن سلمة وعبد الرزاق. وليس ثُلُث هذه الكتب مما أحسبه في كتب جميعهم، أعني مصنّفات مالك وحمّاد بن سلمة وعبد الرزاق.
وقد ألّفته نَسقًا على ما وقع عندي، فإنّ ذكر لك عن النبي ﷺ سنَّة ليس فيما خرّجته (٤)، فاعلم أنّه حديث واهٍ إلَّا أن يكون في كتابي من طريق آخر، فإنّي لم أخرّج الطُّرق لأنّه يكثر على المتعلّم.
ولا أعرف أحدًا جمع على الاستقصاء غيري، وكان الحسن بن علي الخلّال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث، [وذكر أنّ ابن المبارك قال: السنن عن النبيّ ﷺ نحو تسعمائة حديث] (٥)، فقيل له: إنّ أبا يوسف قال: هي ألف ومائة حديث، قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنّات من ههنا وههنا نحو الأحاديث الضعيفة.
_________
(١) في أ: "فإذا لم يكن مسندًا فنذكر المراسيل ولم يوجد المسند فالمرسل يحتجّ به".
(٢) غير موجود في ج.
(٣) في أ: "فيها".
(٤) في ج: " أخرجته".
(٥) ما بين المعكوفين غير موجود في ج.
1 / 26