الشعوب يعتز بخصائصه ويتمسك بها ويدل فيها على الشعوب الأخرى. وقد تمثل ذلك في الجيش الذي كان يضم الخراساني والتركي والمولى والعربي والبنوي.
ويمكن ان نقسم الكتاب قسمين: قسما يتناول مفاخر كل شعب من هذه الشعوب، وقسما يحدد السياسة التي ينبغي أن تتبع للتقريب بينهم وتوحيد كلمتهم.
وفي القسم الاول نجد الخراسانيين يفخرون بانهم اصحاب الدعوة العباسية لأنها انطلقت من خراسان وقضت على دولة الامويين. فهم شيعة العباسيين وجنودهم وحملة راياتهم السوداء. كما يفخرون بعظم اجسامهم وطول سواعدهم وكثرة نسلهم وعددهم. ويعتزون بشجاعتهم وبلائهم في الحروب وانتصاراتهم وقدرتهم على قلب الدول. ولا ينسون براعتهم في الصناعات والعلوم والحكمة والأدب والحساب والهندسة والموسيقى والفقه والرواية.
اما العرب فيفخرون بانهم اهل الدولة واقدم الشعوب اسلاما. وهم اقدر الناس على نظم الشعر الموزون المقفى الذي لا يفنى ويخلد المآثر والاخبار، واحفظهم للانساب، واخطبهم على منبر بلسان امضى من السنان وارهف من السيف.
ويفتخرون ايضا بانهم قواد الدعوة العباسية لأنهم قدموا النقباء «وهل اكثر النقباء الا من صميم العرب ومن صليبة هذا النسب» ولم يقض على عمال الامويين وخليفتهم الأخير مروان بن محمد الا عرب الدعوة. ولم يفتح الهند الا موسى بن كعب، ولم يفتح افريقية الا محمد بن الاشعث وكلهم عرب أقحاح.
وبذا تسقط دعوى الفرس بانهم أصحاب الدعوة.
فاذا استمعنا الى الموالي نراهم يمتدحون انفسهم بالنصيحة والاخلاص في الخدمة وعدم افشاء السر والطاعة. وبانهم اطلعوا العديد من النقباء امثال ابي منصور مولى خزاعة. ولا يعابون من جهة النسب لأن الولاء لحمة كلحمة
1 / 46