عليا لم يجمع بقية الشورى ليختاروه، ساقطة ايضا، لأن تلك الشورى ارتآها عمر وليس علي ملزما بالعمل بها.
واما حجة السفيانية بان حق علي بالخلافة قد سقط لاشتراكه بدم عثمان فتجن مطلق، لأن عليا لم يشترك بدم عثمان ولم يحرض على قتله ولم يعن عليه.
بقي الاعتراف بحق علي بالخلافة للقدم في الاسلام والفضائل التي انماز بها من زهد وفقه وشجاعة وتضحية في سبيل الدين اضف الى ذلك الرواية والقرابة.
واذا كان السفيانية قد ضلوا السبيل في موقعهم من علي ومناصبتهم إياه، فان الشيعة والخوارج قد غفلوا بدورهم عن تدبيره. فالشيعة اخطأوا في تأويلهم لتدبيره في قضية الحكمين وحرب صفين كما مر معنا، والخوارج جهلوا تدبيره ايضا مرتين الاولى عندما دعاهم الى مواصلة القتال إثر رفع المصاحف فاحجموا وقالوا لنحكم كتاب الله بيننا، والثانية عندما دعوه بعد التحكيم الى استئناف القتال فرفض لتشتت جيشه، فكفروه وحاربوه.
اما موقف الجاحظ الخاص فقد حدده بقوله انه ينطلق من مبدأ المعتزلة في المنزلة بين المنزلتين، اي التوسط في الاحكام بين الافراط والتفريط، وبين الايمان والكفر في حق مرتكب الكبيرة. فالمعتزلة لا يغلون كالخوارج فيكفرون عليا، ولا يقصرون كالمرجئة فيعلقون الحكم ويتركون الامر لله. وانما يقتصدون ويتوسطون «وهذا الاشتقاق، وهو التوسط والاقتصاد هو الاعتزال لغو من غلا وتقصير من قصر؛ والاصل الذي نبني عليه امورنا فيمن ليس عندنا كعلي وسابقته وأرومته وكامل خصاله بل في ادنى رجل من اوليائنا، انا متى وجدنا له عملا يحتمل الخطأ والصواب لم يكن لنا ان نجعل عمله خطأ حتى يعيينا فيه وجه الصواب، وليس لنا بعد ان قضينا بانه خطأ ان نقضي بانه خطيئة حتى يعيينا القدر بانه سليم من طريق المآثم، فان قضينا بانه اثم فليس لنا ان نقضي بانه ضلال ونحن نجد لصرف الدفع عنه انه ضلال الى الاثم متحملا، وان قضينا بانه ضلال فليس لنا
1 / 33