ومعاوية لا ينطبق عليه وجه من هذه الوجوه الخمسة، فهو لم يتقدم في الاسلام وليس من اصحاب السوابق وانما هو رجل من عرض المسلمين ومن الطلقاء، واذا كتب الوحي فقد شاركه فيه وسبقه اليه العديدون امثال ابن ابي سرح وزيد بن ثابت وحنظلة الأسدي وعلي ابن ابي طالب ولم يدع احدهم الامامة بسبب الكتابة. وليس من اهل الشورى ولا الميراث ولم يوص له بها.
وقد ادعى معاوية الخلافة زاعما انه اولى الناس بالمطالبة بدم عثمان ومن يطالب بدم الخليفة أحق الناس بالخلافة. وليس هذا سببا كافيا للامامة. وقد اعتمد معاوية على القوة والبطش للوصول الى الخلافة، كما استند الى موقف سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب. واستغل للوصول الى غايته انتشار جند علي وعدم تماسك جنده؛ ولجأ الى الترغيب بالمال والمناصب ليستميل الناس اليه. واحتال برفع المصاحف على رؤوس الرماح ليخدع جند علي ويشق صفوفهم، واستفاد من دهاء عمرو بن العاص ومواقف ابي موسى الاشعري في التحكيم او انقلابه على علي.
ويتوقف الجاحظ عند دور ابي موسى في التحكيم، ويرى كما رأى النظام قبله ان ابا موسى لم يكن غبيا كما يقول الشيعة بل كان عاقلا صحيح التدبير سديد الكيد متفقها في الدين عالما بالقياس والحجج مشهورا بالحلم وكان واليا ناجحا للخلفاء السابقين وقائدا للفتوح. كما يرى أنه خلع عليا في التحكيم لأنه انقلب عليه ومال الى موقف سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة وصهيب بن سنان وأسامة بن زيد من النهي عن القتال وتحريمه، واسر ان تصير الخلافة الى عبد الله بن عمر بن الخطاب. وفضل قحطان على عدنان.
واذا كان ابو موسى على هذه الحال فلم اختاره علي ليمثله في التحكيم؟.
وهنا يرفض الجاحظ كما رفض النظام استاذه دعوى الشيعة بانه حمل على القبول به حملا لا خيار له فيه نزولا عند رغبة اليمانية المؤيدين لابي موسى، لأن ابا موسى لم يكن له أنصار اقوياء يفرضونه فرضا على الخليفة، ولم يكن علي ضعيف
1 / 30