Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
اضطرار والمفتون يرجع إليها اختيارا، وكان يقول: إذا عمل العالم بالعلم استوت له قلوب المؤمنين، وكرهه كل من في قلبه مرض وكان رضي الله عنه يقول: إذا أراد الله بعبد خيرا زوى عنه الخذلان وأسكنه بين الفقراء الصادقين، وإذا أراد الله بعبد شرا عطله عن الأعمال الصالحة حتى تكون على قلبه أثقل من الجبال وأسكنه بين الأغنياء.
ومنهم أبو نصر بشر بن الحارث الحافي
رضي الله تعالى عنه
أصله من مرو وسكن بغداد ومات بها عاشر المحرم سنة سبع وعشرين ومائتين رضي الله عنه. صحب الفضيل بن عياض رضي الله تعالى عنه وكان عالما ورعا كبير الشأن أوحد وقته علما وحالا، ومن كلامه رضي الله عنه لا يجد حلاوة الآخرة رجل يحب أن يعرفه الناس يعني يحب اطلاع الناس على صفات كماله وكان رضي الله عنه يقول سيأتي على الناس زمان تكون الدولة فيه للحمقى والأرذال على أهل العقول والأكابر، وكان رضي الله عنه يقول: دخلت داري يوما فإذا رجل جالس في الدار فقلت له: كيف دخلت داري بغير إذني فقال: أنا أخوك الخضر فقلت ادع الله تعالى لي فقال عليه السلام هون الله عليك طاعته فقلت زدني، فقال وسترها عليك، وكان رضي الله عنه يقول: قال لي رجل من المتصوفة يا أبا نصر انقبضت عن أخذ البر من أيدي الناس لإقامة الجاه فقال إن كنت متحققا بالزهد منصرفا عن الدنيا فخذ من أيديهم ليمحي جاهك عندهم ثم أخرج عما يعطونك إلى الفقراء وفرقه عليهم ولا تذق منه شيئا، وكان بعد التوكل بأخذ قوتك من الغير، فاشتد هذا القول على أصحابي فقلت له جزاك الله خيرا عني ولكن اسمع جوابي فقال: نعم فقلت له اعلم أن الفقراء ثلاثة فقير لا يسأل وإن أعطى لا يأخذ فذاك من الروحانين، وفقير لا يسأل وإن أعطى قبل فذاك من أوسط القوم، وفقير اعتقد الصبر ومدافعة الوقت فإذا طرقته الحاجة خرج إلى عبيد الله وقلبه إلى الله بالسؤال فكفارة مسألته صدقة في السؤال فقال الرجل: رضيت رضي الله عنك وكان رضي الله عنه يقول حسبك أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم وإن أقواما أحياء تقسو القلوب برؤيتهم، وكان يقول: يا طالب العلم إنما أنت متلذذ متفكه بالعلم تسمع وتحكي لا غير ولو عملت بما علمت لتجرعت مرارة العلم، ويحك إنما يراد بالعلم العمل فاسمع يا أخي وتعلم ثم اعمل واهرب ألا ترى إلى سفيان الثوري رضي الله عنه كيف طلب العلم وتعلم وهرب فاسمع، ما أقول لك فإن طلب العلم إنما يدل على الهرب من الدنيا لا على حبها وكاد رضي الله عنة يقول: الصدقة أفضل من الجهاد والحج والعمرة لأن ذاك يركب ويجيء فيراه الناس وهذا يعطي سرا فلا يراه إلا الله عز وجل وكان يقول: إني لأجل الله تعالى أن أذكره عند من لا يعرفه ولا يتعرفه وكان رضي الله عنه يقول أمس قد مات واليوم في النزع وغد لم يولد فبادروا بالأعمال الصالحة وكان يقول: إذا راسلت أحدا بكتاب فلا تزخرفه بحسن الألفاظ فإني كتبت مرة كتابا فعرض كلام لي إن كتبته حسن الكتاب وكان كذبا تركته سمج الكتاب وكان صدقا فعزمت على ذكر الكلام السمج الصدق فنادى هاتف من جانب البيت " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " وكان رضي الله عنه يقول من أراد أن يكون عزيزا في الدنيا سليما في الآخرة فلا يحدث ولا يشهد ولا يؤم قوما ولا يأكل لأحد طعاما وكان محمد بن يوسف يقول: سمعت رجلا يسأل بشر بن الحارث أن يحدثه فأبى عليه فجعل الرجل يتضرع إليه ويلح عليه فلم يجبه فلما أيس منه قال له الرجل: يا أبا نصر ما تقول لله تعالى إذا لقيته يوم القيامة وقال لك لم لا تحدث الناس فقال بشر رضي الله عنه: أقول يا رب قد أمرتني بمخالفة نفسي وإن نفسي كانت تشتهي الحديث والرياشة فخالفتها ولم أعطها سؤلها وكان رضي الله عته يقول للمريدين لا تؤثروا على حذف العلائق شيئا إني إن أجبت نفسي إلى ما تشتهي من المطعم والملبس خفت أن أكون مكاسا أو شرطيا وكان يقول: من لم يحتج إلى النساء فليتق الله تعالى ولا يألف أفخاذهن، ولو أن رجلا جمع أربع نسوة يحتاج إليهن ما كان مسرفا وقيل له لم لا تتزوج وتخرج عن مخالفة السنة فقال رضي الله عنه: إني مشغول بالفرض عن السنة يعني بالفرض مجاهدة النفس تصفيتها من الأخلاق الرديئة وكان رضي الله عنه يقول: صحبة الأشرار تورث الظن بالأشرار وصحبة الأخيار تورث حسن الظن بالأشرار وإن الله
Halaman 62