Lawaqih Anwar
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Penerbit
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Tahun Penerbitan
1315 هـ
أقبلوا على كل الحرام، وتركوا طلب الحلال ورضوا من العمل بالعلم يستحي أحدهم أن يقول فيما لا يعلم لا أعلم، هم عبيد الدنيا لا علماء الشريعة إذ لو علموا بالشريعة لمنعتهم عن القبائح إن سألوا ألحوا وإن سئلوا شحوا لبسوا الثياب على قلوب الذئاب اتخذوا مساجد الله التي يذكر فيها اسمه لرفع أصواتهم باللغو والجدال والقيل والقال، واتخذوا العلم شبكة يصطادون بها الدنيا فإياكم ومجالستهم.
وسئل رضي الله عنه عن الحديث لم لا تشتغل به فقال للحديث رجال وشغلي بنفسي استغرق وقتي والحديث من أركان الدين ولولا نقص دخل على أهل الحديث والفقه لكانوا أفضل الناس في زمانهم ألا تراهم بذلوا علمهم لأهل الدنيا يستحلبون دنياهم فحجبوهم واستكبروا عليهم وافتتنوا بالدنيا لما رأوا من حرص أهل العلم والمتفقهين عليها فخانوا الله ورسوله وصار إثم كل من تبعهم في عنقهم جعلوا العلم فخا للدنيا وسلاحا يكسبونها بعد أن كان سراجا للدين يستضاء به وسئل رضي الله عنه عن العلماء بالقرآن فقال: هم الذين نصبوا الركب والأبدان. صحبوا القرآن بأبدان ناحلة وشفاه ذابلة ودموع وابلة وزفرات عالية أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وكان رضي الله عنه يقول: العجب كل العجب من هؤلاء العلماء كيف خضعوا للمخلوقين دون الخالق وهم يدعون أنهم أعلى درجة من جميع الخلائق، وكان يقول: من علامة إعراض الله تعالى عن العبد أن تراه ساهيا لاهيا لاغيا معرضا عن ذكر الله تعالى، وكان رضي الله عنه يقول: إن الله تعالى لم يمنع أعداءه المحبة بجلا وإنما صان أولياءه الذين أطاعوه أن يجمع بينهم وبين أعدائه الذين عصوه وكان يقول: العارف لا يدوم على حزن ولا يدوم على سرور ثم قال: مثل العارف في هذه الدار مثل رجل توج بتاج الكرامة وأجلس على سرير في بيته قد علق فوق رأسه سيف بشعرة وأرسل على بابه سبعان ضاريان فيشرف على الهلاك ساعة بعد ساعة فأني له السرور وأني له الحزن قال بعضهم السيف المعلق فوق رأسه الأحكام، والضاريان اللذان على الباب الأمر والنهي وكان رضي الله عنه يقول: من تقرب إلى الله تعالى بتلف نفسه حفظ الله عليه نفسه، وقال رضي الله عنه لما حملت من مصر في الحديد إلى بغداد لقيتني امرأة زمنة فقالت إذا دخلت على المتوكل فلا تهبه ولا تر أنه فوقك ولا تحتج لنفسك محقا كنت أومتهما لأنك إن هبته سلطه الله عليك وإن حاججت عن نفسك لم يزدك ذلك إلا وبالا لأنك باهت الله فيما يعلمه وإن كنت بريئا فادع الله تعالى أن ينتصر لك ولا تنتصر لنفسك فيكلك إليها فقلت لها سمعا وطاعة فلما دخلت على المتوكل سلمت عليه بالخلافة فقال لي: ما تقول فيما قيل فيك من الكفر والزندقة. فسكت فقال وزيره، هو حقيق عندي بما قيل فيه ثم قال لي لم لا تتكلم؟ فقلت يا أمير المؤمنين إن قلت لا كذبت المسلمين وإن قلت نعم كذبت على نفسي بشيء لا يعلمه الله تعالى مني فافعل أنت ما ترى فإني غير منتصر لنفسي فقال المتوكل: هو رجل بريء مما قيل فيه فخرجت إلى العجوز فقلت لها جزاك الله عني خيرا فعلت ما أمرتني به فمن أين لك هذا فقالت من حيث ما خاطب به الهدهد سليمان عليه السلام. وكان ذو النون المصري رضي الله عنه بعد ذلك يقول من أراد تجريد التوحيد وخالص التوكل فعليه بالنساء الزمني ببغداد وكان رضي الله عنه يقول ما شبعت من الطعام قط إلا عصيت أو هممت بمعصية وكان رضي الله تعالى عنه يقول كن عارفا خائفا ولا تكن عارفا واصفا رضي الله عنه.
ومنهم أبو محفوظ معروف بن فيروز الكرخي
رضي الله تعالى عنه
وهو من جملة المشايخ المشهورين بالزهد والورع والفتوة مجاب الدعوة يستسقى بقبره وهو من موالي علي بن موسى الرضا رضي الله عنه صحب داود الطائي رضي الله عنه ومات ببغداد ودفن بها سنة مائتين وقبره ظاهر يزار ليلا ونهارا رضي الله عنه.
ومن كلامه رضي الله عنه إذا أراد الله بعبد خيرا فتح عليه باب العمل وأغلق عنه باب الجدل وإذا أراد الله بعبد شرا أغلق عليه باب العمل وفتح له باب الجدل، وكان رضي الله عنه يقول ما أكثر الصالحين وما أقل الصادقين فيهم وكان رضي الله عنه يقول: لولا إخراج حب الدنيا من قلوب العارفين ما قدروا على فعل الطاعات ولو كان من حب الدنيا ذرة في قلوبهم لما صحت لهم سجدة واحدة، وكان رضي الله عنه يقول: العارف يرجع إلى الدنيا
Halaman 61