قلت: لماذا لا نعتبر أي فلسفة إذن مجرد نظرية نتركها تتصارع مع غيرها من النظريات والاكتشافات، بلا تعصب ودون أن نحاول أن نقيم من أنفسنا محامين لهذه النظرية ومدافعين عنها؛ فالتعصب لهذه الفلسفة أو تلك ممكن أن يعوق وصولنا إلى الحقيقة.
قال: لكن الحقيقة لا يمكن الوصول إليها إلا بصراع، والصراع لا يمكن أن يتم إلا بين متعصبين؛ فاعتناق النظريات والدفاع عنها يقربها من الحقيقة ولا يبعدنا عنها.
قلت: الصراع بين الوجودية والاشتراكية مثلا يقربنا من الحقيقة؟
قال: طبعا. على شرط ألا يتم الصراع في قلب الشارع. أقصد الصراع بين المفكرين الواسعي الأفق.
قلت: مجرد تساؤل قد يكون سخيفا، ولكني أرجو أن يسمح لي به أعظم كاتب اشتراكي وأعظم كاتب وجودي. الوجودية تعتبر الفرد مسئولا عن اختياره وتصرفاته ومصيره. والاشتراكية تعتبر المجتمع هو المسئول، أليس من المحتمل إذن أن تنشأ في القريب نظرية ثالثة تجمع الوجودية والاشتراكية وتملأ الفجوات وتفسر بدرجة أوضح وتحدد بدرجة أدق حركة الفرد بالنسبة لحركة المجتمع، والعلاقة بين الوجود الفردي والوجود الجماعي؟
تولى أهرنبورج الترجمة على دفعات كان يعقبها بابتسامات تخيلت أنها ابتسامات استخفاف. ودار بينهما نقاش بالفرنسية، خفيف ضاحك أول الأمر، شابه بعض الجد والتأمل في النهاية. وأخيرا قال أهرنبورج: صديقي سارتر وأنا مبتهجان لرأيك، ولكن لا تنتظر منا أن نفكر فيه جديا بإلغاء الوجودية إلغاء لسارتر، وإلغاء الاشتراكية إلغاء لي، فهل أنت قادم من القاهرة لتلغي المعارك الطويلة التي خضناها وتلغي وجودها كله بجرة قلم؟!
الحديث دار في أحد أيام يناير من سنين، لا زلت أذكره، ولازلت كلما أحسست ببرد يناير تذكرت فيينا وأدق تفاصيل ذلك اللقاء.
الطبيبة التي قالت إن دراسة الطب لم تفقدها أنوثتها!
دكتورة عفاف
جذبت انتباهي حين قرأت أنها صرحت في حفلة التخرج بقولها إن دراسة الطب لم تفقدها ذرة واحدة من أنوثتها.
Halaman tidak diketahui