في كتابه العزيز فنزل في حقه « إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان » (1).
وأما إجماع الشيعة على المشروعية بل الوجوب فلا نقاش فيه ، لنذكر مصادره ، لأن أمر التقية ولزومها عند أهل البيت وشيعتهم لا يختلف فيه اثنان.
وأما العقل فلأنه بالبداهة يحكم بوجوب المحافظة على النفس والنفيس ما استطاع المرء إليها سبيلا ، ويمنع من إلقاء النفس بالمهالك ، وقد نهى عن ذلك الكتاب العزيز أيضا فقال تعالى : « ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة » (2) وقال سبحانه « ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما » (3).
وسيرة أرباب العقول جارية على وفق هذا الحكم العقلي ، بل ان غريزة البشر على التقية ، فإنك لو حللت بدار قوم يخالفونك في المذهب أو المبدأ السياسي ، وتخشى منهم لو علموا ما أنت عليه لكنت تسر ما عندك بطبعك وفطرتك ما استطعت ، من دون أن تعرف حكم العقل أو الشرع في هذا الشأن.
ولو استعرضت تأريخ الاسلام من البدء لوجدت أن التقية كانت ضرورة يلتجأ إليها ، فقد أخفى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدء الدعوة أمره حتى دعا بني هاشم وأمره الله سبحانه أن يصدع بأمره (4)، وتكتم المسلمون في إسلامهم قبل ظهوره وانتشاره ، وتستر أبو طالب في إسلامه ليتسنى له الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وليبعد عنه التهمة في دفاعه.
وكيف عاد الأمر عكسا يوم ارتفع منار الإسلام فصار أهل الكفر في مكة والمدينة يظهرون الاسلام ويبطنون الكفر.
Halaman 83