رُبّيت في حِجْر والدي وتحت كَنَفه حتى بلغتُ سبعَ سنوات، وقرأتُ عليه من كتاب الله تعالى قِصَار المُفَصَّل، وحضرتُ بين يديه يومَ عيدِ الفطر عامَ وفاتِه، وقلتُ: يا سيدي! أريد أنْ أقرأَ عليك من أوَّل البقرة، قال: وتعرف تقرؤها؟ قلت: نعم، قال: هاتِ المصحفَ، فجئتُه به، فقرأتُ عليه الفاتحةَ، ثمَّ مِنْ أوَّل البقرة إلى ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾، فقال لي: يكفيكَ إلى هنا، فأطبقتُ المصحفَ بعد أن لقَّنني: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وأنعمَ عليَّ حينئذ بأربعِ قِطَعِ فِضَّةٍ ترغيبًا لي، وأمرني وأنا ابنُ ستِّ سنواتٍ أن أصومَ رمضانَ، ويعطيَني في كلِّ يومٍ قطعةَ فِضَّة، فصُمتُ مُعظمَ الشهر، وكان ذلك ترغيبًا منه وحُسنَ تربية، وصُمتُ رمضانَ السنةَ التي ماتَ فيها إلا يومًا أو يومين وأنا ابنُ سبع (١)، وبقيت أجلس معه للسحور، وكان يدعو لي كثيرًا، وأحْضَرني دروسَه (٢) أنا