334

Hashiyat Tartib

حاشية الترتيب لأبي ستة

واحتمل أنه واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة، ثم استدل للاحتمال الثاني بقضية عثمان مع عمر التي تقدمت، قال: فلم يترك عثمان الصلاة للغسل ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دل على ذلك على أنهما قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار، انتهى.

وعلى هذا الجواب عول أكثر المصنفين في هذه المسألة كابن خزيمة والطبري والطحاوي وابن حبان وابن عبد البر وهلم جرا، وزاد بعضهم فيه أن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك فكان إجماعا منهم أن الغسل ليس شرطا في صحة الصلاة، وهو استدلال قوي، وقد نقل الخطابي وغيره الإجماع على أن صلاة الجمعة بدون الغسل مجزئة، لكن حكى الطبري عن قوم أنهم قالوا بوجوبه ولم يقولوا: إنه شرط بل هو واجب مستقل تصح الصلاة بدونه لأن أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح الكريهة التي يتأذى بها الحاضرون من الملائكة والناس وهو موافق لقول من قال: (يحرم أكل الثوم على من قصد الصلاة في الجماعة)، ويرد عليهم أنه يلزم من ذلك تأثيم عثمان، إلخ.

والمذهب عندنا أن الغسل يوم الجمعة ليس بواجب وإنما هو سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : (من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل) يعني فبالرخصة أخذ ونعمت الرخصة، ولقصة عثمان مع عمر المشهورة ولفظها في الإيضاح (وقيل إن عثمان قال لعمر: ما زدت على الوضوء يا أمير المؤمنين، قال عمر: الوضوء نقى) انتهى، أقول: وعلى هذا يتعين حمل الوجوب في الحديث على ما ذكره ابن حجر نقلا عن القائلين بعدم وجوبه وإلا لزم التعارض والله أعلم، ثم ظاهر قوله: (على كل محتلم) يتناول من وجبت عليه ومن لم تجب عليه ولم أر من تعرض من أصحابنا لذلك، وعند قومنا في ذلك خلاف، والذي يميل إليه البخاري أن الغسل للجمعة لا يشرع إلا لمن وجبت عليه وهو الظاهر من كلام أصحابنا في أدب الجمعة وسننها والأحسن التعميم، والله أعلم.

Halaman 9