============================================================
واستدلوا على ذلك بدخول حرف الجر عليهما في قول بعضهم وقد بشر ببنت: (والله ما هي بنغم الولد)، وقول آخر وقد سار إلى محبوبته على حمار بطيء السير: (تغم السير على بئس العير).
وأما (ليس): فذهب الفارسي في الحلبيات إلى آنها حرف نفي بمنزلة ما النافية، الرجل نعم الرجل ولما حذف الموصوف وهو اسم فكما كان الرجل اسما فكذلك ما قام مقامه والرجل مرفوع بنعم كما يرتفع الفاعل باسم الفاعل انتهى. وهما مبنيان ووجه بنائهما حينثذ شبههما للحرف في الجمود، وقال المحشي: لتضمنهما معنى الإنشاء، وفيه أن الإنشاء بالجملة لا بنعم أو بئس وحدهما فتأمل. (قوله وقد بشر الخ) جملة معترضة بين القول ومقوله ولعل فائدتها التنبيه على مرجع الضمير في قوله ما هي بنعم الولد. (قوله ما هي بنعم الولد) لينظر أهل الرواية بجر الولد أو رفعه ثم ليحرر هذا المقام. (قوله وقد سار الخ) جملة معترضة بين القول والمقول أيضا، ومن ذلك يعلم ما في قول الدماميني في المنهل الصافي عند تفسير قوله: نعم السير؛ أن السير هنا جلد يوضع في عنق الحمار من الذهول التام الذي ليس عليه غبار إذ المقام لا يساعده والقضية لا تعاضده، نعم لو قطع النظر عن القصة لاحتمل المبني هذا المعنى. (قوله على بئس العير) هو بفتح العين كما في القاموس الحمار وحشيا أو إنسيا وللفاضل الحمصي ههنا لطيفة وهي أن قرء بعضهم بحضرته العير بالكسرة فقال له افتح عينك ولا يخفى لطف الإضافة وكأنه يشير إلى أن من كسر العين شارك مفتوح العين. (قوله حرف نفي) وأجاب عن إلحاق الضمائر فيها بأنه لشبهها الفعل في كونها ثلاثية ورافعة وناصبة ولعله لا يقول بأن هذه السلامة من خواص الفعل، وأيضا استدل على ذلك بعدم دلالتها على المضي لجواز ليس زيد بقائم غدا، وبعدم تصرفها تصرف الأفعال، وفيه أن عدم دلالتها عارض وعدم التصرف لا يقتضي الحرفية كما لا يخفى. (قوله بمنزلة ما النافية) ويؤيد ذلك بأنهم شبهوها بها في ابطال عملها بدخول إلا على الخبر في قولهم ليس الطيب إلا المسك بالرفع، ويبعده ويؤيد الفعلية جواز تقديم خبرها على اسمها عند الجميع وتقديمه عليها عند كثير منهم
Halaman 63