لحظة استسلام بعد أيام من الصراع، لحظة انتصار العاطفة على العقل بلا خجل، بلا عقد، بلا صراع، أروع لحظة في الحياة.
ومضت اللحظة ولم أعرف مداها، خلت أنها عمر جديد، يضاف إلى عمري، عمر جديد كامل له ماض، وله حاضر، وله مستقبل.
ومضت اللحظة رغم روعتها، ورغم عمرها، مضت كما يمضي كل شيء رائع في الحياة، وانتهت كما ينتهي أي عمر مهما بلغ مداه.
وفتحت عيني، واسترددت يدي ورفعت رأسي، وأمسكت حقيبتي، ووقفت.
قال: ماذا حدث؟
قلت: كل شيء ينتهي! - ولماذا تهربين؟ - إنه شيء صعب! - ما هو ذلك الشيء الصعب؟ - إن كل شيء ينتهي.
وسمعته يضحك في مرارة وسخرية، ويقول: انتهيت من مشكلة زوجتي، فخلقت مشكلة أصعب. لماذا تعاملين نفسك بهذه القسوة؟ لماذا تتركين عقلك وعاطفتك يتصارعان؟
ونظرت في أسى إلى صفحة النيل فاقترب مني، وأمسك يدي في شدة وقسوة، وقال: لن تكسبي شيئا من هذه المعركة؛ لأن ميدانها الوحيد هو نفسك، نصف ذاتك يصارع النصف الآخر، والنتيجة بالنسبة لك شيء واحد؛ هو أنك تخسرين نصفا دائما.
ونظرت في أعماق عينيه، أفتش عن شيء من هذا الصراع عنده، وقلت له: وأنت؟ ألست مثلي؟
قال في ثقة غريبة: لا، إن ذاتي لا تتصارع، إن عقلي هو قلبي، وقلبي هو عقلي.
Halaman tidak diketahui