قال قلت فألق لي نعليك قال لا تقبلان قدميك ولكن امش في ظل ناقتي فكفاك ذاك شرفًا وإن الظل لك لكثير قال معاوية فما مر بي مثل ذلك اليوم قط والله لخلته أنه من جهنم ثم أدرك سلطاني فلم أواخذه بل أجلسته معي على سرير هذا وحكى أن عمارة بن حمزة وكان متكبرًا جدًا دخل على المهدي يومًا فلما استقر به مجلسه قام رجل كان المهدي قد أعده ليتهكم بعمارة فقال مظلوم يا أمير المؤمنين قال من ظلمك قال عمارة هذا غصبني ضيعتي وكانت من أحسن ضياع عمارة فقال المهدي قم فاجلس مع خصمك قال يا أمير المؤمنين ما هو لي بخصم إن كانت الضيعة له فلست أنازعه فيها وإن كانت لي فقد وهبتها له ولا أقوم من مجلس شرفني به أمير المؤمنين فلما خرج الرجل وانفض المجلس سأل عمارة عن صفة الرجل وما كان لباسه وأين كان موضع جلوسه فلم يعلم وكان من تيهه أنه إذا أخطأ يمر في خطئه تكبرًا عن الرجوع ويقول نقض وابرام في ساعة واحدة الموت أهون منه وقال ابن عبدوس الجهشياري كان عمارة أعور دميمًا استعمله المنصور على الخراج وكور دجلة والأهواز وكور فارس وقلده المهدي ذلك أيضًا وكان عبد الدولة بن جهير وزير المستظهر بالله متكبرًا كثير الكبر يكاد يعد كلامه عدًا وكان إذا كلم رجلًا كلامًا يسيرًا هنئ ذلك الرجل بكلامه ومن الكبر المستبشع والتيه المستشنع ما يحكي أن ثوابة دعا أكارًا فكلمه فلما فرغ من كلامه دعا بماء وتمضمض به استقذارًا لمخاطبته وأنشدت لبعض المتكبرين مفتخرًا
أتيه على جنّ البلاد وأنسها ... ولو لم أجد خلقًا لتهت على نفسي
أتيه فما أدري من التيه من أنا ... سوى ما يقول الناس فيّ وفي جنسي
فإن زعموا أني من الأنس مثلهم ... فمالي عيب غير أني من الأنس
ولابن صابر
أيها المدّعي الفخار دع الفخ ... ر لدى الكبرياء والجبروت
1 / 90