وقال معاوية إن التواضع مع البخل والجهل أزين بالرجل من الكبر مع البذل والعقل فيالها حسنة غطت على سيئتين كبيرتين ويالها من سيئة غطت على حسنتين عظيمتين وقالوا من أصاب حظًا من جاه فأصاره إلى كبر وترفع أعلم الناس إنه دون تلك المنزلة ومن أقام على حاله أعلمهم أن تلك المنزلة دونه وأنها دون ما يستحق مر المهلب بن أبي صفرة على مطرف بن عبد الله وهو يتبختر في جبة خز فقال يا عبد الله هذه مشية يبغضها الله ورسوله فقال المهلب أما تعرفني فقال له ومن أنت قال أنا المهلب قال نعم أعرفك أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت فيما بين هذا وهذا تحمل العذرة نظم بعضهم هذه الكلمات فقال
عجبت من معجب بصورته ... وكان بالأمس نطفة مذره
وفي غد بعد حسن طلعته ... يصير في اللحد جيفة قذره
وهو على تيهه ونخوته ... ما بين جنبيه يحمل العذره
ولآخر
يا مظهر الكبر اعجابًا بصورته ... انظر خلاك فإنّ البين تثريب
لو فكر الناس فيما في بطونهم ... ما استشعر الكبر شبان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرأس مكرمة ... بأربع هو بالأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك ... والعين مرمصة والثغر ملعوب
يا ابن التراب ومأكول التراب غدًا ... أقصر فإنك مأكول ومشروب
ومن ظريف ما يذكر من أخبار المتكبرين ما يحكي أن علقمة بن وائل الحضرمي قدم على النبي ﷺ فيمن وفد عليه من سادات العرب فأمر رسول الله ﷺ معاويه أن ينطلق به إلى منزل رجل من الأنصار لينزله عنده وكان منزله بأقصى المدينة قال معاوية فخرجت معه وهو راكب ناقته وأنا أمشي في ساعة قيظ يشوي الوجوه وليس لي حذاء فقلت له أردفني خلفك فقال لست من أرداف الملوك قلت إني ابن أبي سفيان قال قد سمعت ذلك من رسول الله ﷺ
1 / 89