Fatimah Az-Zahra dan Fatimiyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Genre-genre
وكأنما كان «العالم المحقق» في حاجة إلى جهالة فوق جهالته، فهو يفهم من بكاء السيدة فاطمة أنه شكاية من فقر علي بن أبي طالب، ويسند هذا الفهم إلى رواية البلاذري في أنساب الأشراف، بعد زعمه أن فاطمة أبلغت زواجها بعلي فسكتت من الدهشة لا من الخجل، وإنما دهشت؛ لأنها لم تكد تصدق أن أحدا يخطبها بعد أن قاربت العشرين.
أفمن المألوف أو من التطبيق العلمي أن تكون الفتاة يائسة من الزواج، مدهوشة من خطبة الخطيب، ثم تتعلل العلل وتفرض الشروط وتستعظم نفسها على بني عمومتها الفقراء، وليست هي يومئذ من الأغنياء ؟
كلا! ليس ذلك بالمألوف ولا بالتطبيق العلمي، ولكنه تمحل للظن فضيلته الكبرى أنه يشتمل على مساس بفاطمة وعلي. فهو إذن أحق بالترجيح من كل تقدير مألوف.
والبلاذري - بعد - لم يذكر شيئا من هذا، وليس في كلامه عن مناقب علي أو فاطمة شيء من قبيل الجواب الذي ينسب إلى الزهراء غير روايته الحديث بسنده وهو: «حدثنا عبد الله بن صالح عن شريك عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال: لما زوج رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أرعدت، فقال: «اسكتي! فقد زوجتك سيدا في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين».»
هذا ما وجدناه في النسخة المنقولة من مخطوطة الأستانة، ومن المطبوعة في أوربا، فتفسير «الرعدة» بذلك المعنى إنما هو من إبداع المؤلف الحصيف!
هذا مثال من تحقيق هؤلاء المحققين حين يكتبون عن تاريخ أعلام الشرق وحوادثه، نمر به لعبرته النافعة في وزن التواريخ العصرية المزعومة، ولا ننبه إليه لقول قائل: إن السيدة فاطمة كانت محرومة من الجمال. فإنه لو صح لما كان فيه مهانة على سيدة شرفتها أكرم الأبوات كما شرفتها أكرم البنوات، ولكننا ننبه إليه؛ لأنه عبرة المعتبرين فيما يصنعه العقل بنفسه حين يمسخه مرض الأهواء، فيفتري على العلم والدين ما تأباه أمانة العلم، ويعافه أدب الدين.
ونعود إلى قياس الأخبار بالموازنة أو بما هو مألوف ومعقول، فنقول: إننا بحثنا عن خبر من أخبار زواج البنات في آل محمد وآل علي، فلم تجد في عصر النبوة غير واحد على قبيل الخبر الذي قيل فيه: إن السيدة فاطمة أشارت إلى فقر علي حين بلغت خطبته لها، وهو تزوج السيدة أم كلثوم.
وبين الخبرين، مع هذا، بون بعيد.
Halaman tidak diketahui