Fatimah Az-Zahra dan Fatimiyun
فاطمة الزهراء والفاطميون
Genre-genre
أنه يحاول جهده أن يثبت أن السيدة فاطمة لم تتزوج قبل الثامنة عشرة؛ لأنها كانت محرومة من الجمال، ولم تصدق أن أحدا يخطبها بعد تلك السن، ثم يقول: إنها لما عرض عليها النبي الزواج من علي سكتت هنيهة ولكنها لم تسكت خجلا بل دهشة من أن يخطبها خاطب، ثم تكلمت فشكت؛ لأنها تزوج من رجل فقير.
لو كان السند الذي استند إليه هذا «العالم» واضحا ملزما لقلنا: إنها أمانة العلم، ولا حيلة للعالم في الأمانة العلمية.
لكن السند كله قائم على أن السيدة فاطمة تزوجت في الثامنة عشرة من عمرها، وتقابله أسناد أخرى تنقضه وتتراءى للمؤلف حيثما نظر حوله ولكنه لا يحب أن يراها؛ لأنه يحب أن يرى ما يعيب ولا يحب أن يرى ما لا عيب فيه.
فالمشهور المتواتر أن السيدة فاطمة ولدت لأبوين جميلين، وأن أخواتها تزوجن من ذوي غنى وجاه، كأبي العاص بن الربيع وعثمان بن عفان.
وليس من المألوف أن يكون الأبوان والأخوات موصوفين بالجمال وأن تحرمه إحدى البنات!
والمشهور المتواتر أن السيدة فاطمة بلغت سن الزواج والدعوة المحمدية في إبانها، والمسلمون بين مهاجر أو مقيم غير آمن، والحال قد تبدلت بعد الدعوة المحمدية فأصبحت خطبة المسلمات مقصورة على المسلمين، وهؤلاء المسلمون قلة، منهم المتزوج ومنهم من لا طاقة له بالزواج، فلا حاجة بالمؤلف إلى البحث الطويل ليهتدي إلى السبب الذي يؤخر زواج بنت النبي إلى الثامنة عشرة، ولو كانت أجمل الجميلات.
وفي وسعه كذلك أن يتصور أن النبي يخص بها ابن عمه، وينتظر بها يوم البت حين تهدأ الحال ويستعد ابن عمه للزواج ويستقر على حال بينه وبين آله الذين لا يزالون على دين الجاهلية، فلا هم في ذلك الوقت ذووه ولا هم بعداء عنه.
كل ذلك قريب كان في وسع «العالم المحقق» أن يراه تحت عينيه، قبل أن يذهب إلى العلة التي اعتلها لتأخير الزواج، فلا يرى له من علة غير فقدان الجمال. ولكن الأسباب الواضحة القريبة لا يلتفت إليها؛ لأنها لا تعيب، والسبب الخفي البعيد تشوبه غضاضة،
5
فهو الجدير إذن بالالتفات.
Halaman tidak diketahui