وقوله:
مخلى له المرج منصوبًا بصارخة ... له المنابر مشهودًا بها الجمع
قال أبو الفتح: مخلى ومنصوبًا نصب معًا على الحال من سيف الدولة. ومشهودًا بها الجمع نصب على الحال من صارخة. وكان الوجه أن يقول: منصوبة مشهودة إلا أن التذكير جائز أيضًا على قولك نصب المنابر وشهد الجمع. ومن أبيات الكتاب
يعيد العداه فما أن يزل ... مضمطرًا طرتاه طليحا
ولم يقل مضمظرة. وهو مثير. الإعراب على ما ذكره لا ريب. والمعنى إن هذين الموضعين أعني المرج وصارخة هما متوغلان في بلاد الروم وانهما إذا أخليتا لسيف الدولة، ونصبت المنابر بهما وسهد الجميع فلم يبق في النكاية في الكفر نهاية. ومثل هذا المغزى قول أبي العلاء المعري يصف خيل رجل مدحه:
بنات الخيل تعرفها دلوك ... وصارخة والس واللقان
ليس يريد إن أمهاتها تزايغ في هذه البلاد التي ذكرت لأن خيل الروم عنهم مجتازة. ولكنه يعني انك طالما أوغلت بها في هذه الديار، وأوغل أبوك بأمهاتها فيها فهي تعرفها، وتعرف أمهاتها. والغرض بعد الإيغال في ديار العدو.