Di Pintu Bab Zuwayla
على باب زويلة
Genre-genre
قال وهو يدس الصرة في جيبه ويتهيأ للانصراف من مجلس السلطانة: ارقبي مدار الفلك يا مولاتي، فستجدين ذلك كله مسطورا في كتابه.
ثم مضى الرمال وخلف السلطانة تعد نجوم السماء ...
قال الشيخ أبو السعود الجارحي لصاحبه: أنت على يقين مما تقول يا أرقم؟
قال: نعم يا مولاي، وقد رأيت الدوادار الكبير بعيني هاتين يدخل دار كبير الأمناء جانبلاط في الأزبكية، وقد احتشد الخلق في الميدان وأخذ الجند أهبتهم كاملة، كأنهم خارجون للقاء ابن عثمان على الحدود!
قال الشيخ أسفا: قد كان ما لا بد أن يكون، وانتهت أيام الظاهر قنصوه على العرش، أفكان يطمع ذلك الأحمق أن يدعه الدوادار طومان باي يعمر على العرش، وقد رفعه إليه على أشلاء ابن أخته الناصر؟! تلك منزلة من الإيثار والفضيلة لم يبلغها الدوادار طومان باي! وإنما هي خطوة يخطوها ولا بد أن تتبعها خطوات حتى يبلغ العرش ... وأحسب أن خوند فاطمة بنت العلاء - أرملة الأشرف قايتباي - هي التي تزين له هذا الأمل البعيد؛ لتثأر من أصل باي في ولدها وأخيها.
قال أرقم: بل هو قنصوه الغوري يا سيدنا ... ذلك الثعلبان الشيخ الذي يتظاهر بالورع والزهد في الإمارة والسلطان، ويتحبب إلى الأمراء جميعا؛ ليثير بعضهم على بعض حتى يتفانوا ويخلص له العرش من دونهم، ولم يسفك دما ...
قال الشيخ: اتق الله في ذلك الشيخ يا أرقم، إنك لتغلو في عداوته كأن لك ثأرا عنده، فلا تزال تظن به الظنون وترميه بالبهتان، أفلا يشفع له عندك أنه عم صديقك الصغير طومان!
سرحت خواطر أرقم وطوقت به ذكرياته من قريب إلى بعيد، وتزاحمت على خياله صور شتى، وراح يسأل نفسه في حيرة: أي آصرة تربط بينه وبين ذلك الأمير الصغير، حتى ليخيل إليه أن من حقه أن يتبعه أين أقام وأين ذهب، فما ذلك كله وهو ابن أخي الغوري، ذلك الذي يسميه الثعلبان الشيخ، ويبغضه بغضا لو تقسمه الأحياء بينهم لأوشك ألا يكون بين اثنين من الناس مودة ولا رحمة! لماذا؟ ليس يدري أحد، ولكن الشيء الذي لا شك فيه أن أرقم المسيخ قد اجتمعت في قلبه هاتان العاطفتان المتناقضتان، حتى ليس معهما متسع لعاطفة! ولقد شاع حبه لطومان على ألسنة الناس جميعا، فلولا مكانة ذلك الأمير الصغير من نفوس القاهريين عامة ومريدي الشيخ أبي السعود الجارحي خاصة، لأرجفوا بما لا يعلمون وجعلوا حديثهما مضغة الأفواه ...
على أن سر العداوة بين أرقم والغوري لم يكن يعلمه أحد، حتى ولا الشيخ نفسه، كل ما يعلمه الشيخ من سر هذه العداوة أن صاحبه أرقم لا يحب قنصوه الغوري، فلا يزال يثلبه وينال منه، ويأخذ بالظنة كلما جرى ذكره، ولا يزال الشيخ يقول له كلما عرض ذكر الغوري: خفف من غلوائك يا أرقم! ثم لا يزيد ...
ولكن الشيخ في هذا النهار لم يقتصر على كلمته تلك، وسأل أرقم: وددت لو عرفت سر هذه البغضاء بينك وبين قنصوه يا أرقم!
Halaman tidak diketahui