Di Pintu Bab Zuwayla
على باب زويلة
Genre-genre
وبلغها صوت الرمال بعيدا من بعيد، كأنما يتحدث إليها من وراء الزمان والمكان، عن القدر المخبوء بين ركام الأيام المتزاحمة في موكب الشمس قبل أن تشرق بنورها على الدنيا ...
وأنصتت إليه مصرباي وهو يقول: هذا نجمك يا مولاتي قد سطع في الأفق الأعلى، وثمة ثلاث كواكب ترنو إليه بعيون مشتعلة، بعضها قريب قريب قد بلغ غايته من التألق والإشراق، حتى ليوشك أن يحترق، وبعضها بعيد بعيد لا يزال بينه وبين النجم الذي يرنو إليه بعينيه المشتعلتين أبعاد، ولكنه لا بد أن يبلغ يوما منزلة القران مع دورة الفلك، وهذا الكوكب الثالث يلوح حينا ويختفي، ويأتلق ثم يخبو، وإن عينيه المشتعلتين لترسلان في الحالين نارا وصواعق، أو دخانا ورمادا، فلا يزال يعشي أعين الكوكبين الآخرين بنوره وناره، أو يقذيهما بدخانه ورماده!
قالت مصرباي ضجرة: لست أفهم عنك منذ اليوم شيئا يا أبا النجم وكنت خبيرا بالطوالع، وإنما دعوتك لتنبئني أين موقفي في هذه العاصفة من الآخرين والأخريات؛ فإنه ليخيل إلي أن أحداثا عظيمة ستحدث قبل أن ينقشع غبار هذه العاصفة!
قال أبو النجم: صبرك يا مولاتي، فهذه صفحة الكتاب مبسوطة تحت عيني أقرأ سطورها المكتوبة، وستعرفين منها كل ما يعنيك أن تعرفيه ...
وصمت برهة، ثم استطرد في حديثه: هذه سحابة حمراء تستعرض الأفق، وإن بها فتوقا تلمع من ورائها أنجم جديدة، وقد اصطبغت السماء بلون الشفق ...
هذه السحابة الحمراء قد انقشعت وصفا لون السماء، وهذا نجمك يا مولاتي لم يزل حيث كان، وقد دنا منه ذلك الكوكب البعيد، حتى صار على مد الشعاع، ولكن كليهما ثابت في موضعه لا يتحرك، كأنما وقفت بهما دورة الفلك، ولكن عاصفة قد ثارت زوابعها من بعيد، توشك أن تكتسح كل ما هنالك من أنجم وكواكب ... وتدور الأفلاك دورات سريعة متتابعة حتى لا تكاد تقف ... ثم تنقشع العاصفة، وتصفو السماء، ويستقر كل كوكب في مداره، وينتظم في فلكه مصعدا أو منحدرا، ويعود نجمك يا مولاتي مشرقا وهاجا، قد انفرد في موضعه من الأفق الأعلى، وإلى جانبه كوكب مضيء قد استوى على عرشه قريبا قريبا من ذلك النجم المتفرد بإشراقه وضوئه، وكان يبدو لعين الناظر بعيدا؛ حتى لا يكاد يبلغه على سرعة دوران الفلك ... فهذا طالعك السعيد يا مولاتي وطالع الآخرين والأخريات ...
وأخذ الرمال يفرش الرمل الأصفر على منديله وهو يزمزم.
وأشرقت على ثغر مصرباي ابتسامة اطمئنان ورضا، وقالت: وأصل باي؟ وجانبلاط؟ والدوادار طومان باي؟ وخاير بك؟ وبنت أقبردي وصاحبها طومان؟
قال أبو النجم باسما: لقد قلت ما علمت يا مولاتي ... ستنقشع العاصفة ويصفو الجو عن نجم واحد قد انفرد في موضعه من الأفق الأعلى، ومد من أشعته جسرا من النور إلى ذلك الكوكب الواحد المتفرد على عرشه ... وقد تهاوت أنجم وكواكب.
قالت وهي تدفع إليه صرة دنانير: ويكون ذلك قريبا يا أبا النجم؟
Halaman tidak diketahui