Di Pintu Bab Zuwayla
على باب زويلة
Genre-genre
وكان في لهجته أمر، فشحب وجه أرقم واضطرب فكه المائل، ولكنه اصطنع الهدوء وأجاب: وماذا يكون بيني وبين قنصوه يا سيدنا؟!
وسكت هنيهة ثم أردف: كل ما هنالك من أمر، أنني لا أثق بذلك المملوك الشيخ، إنه رجل غير بريء.
ونظر الشيخ إلى وجه أرقم فأطال النظر، ثم سكت، ونهض أرقم يتخلع في مشيته حتى بلغ الباب فنفذ منه، ثم عاد بعد قليل يحمل مجمرة يتصاعد منها عطر طيب، فوضعها بين يدي الشيخ وجلس على مقربة منه.
وبدأ المريدون يفدون على مجلس الشيخ رجلا رجلا، واثنين اثنين، وجماعات جماعات، حتى استدارت الحلقة وغصت بهم القاعة ...
وأخذ الشيخ ومريدوه في حديثهم عن الدنيا وعن الآخرة.
وعلى بعد قريب من كوم الجارح حيث اجتمع الشيخ ومريدوه، كانت المدينة تتأهب ليوم عصيب من أيام المماليك ...
اجتمع أمراء المماليك في بيت كبير الأمناء - الأمير جانبلاط - بالأزبكية، وأخذوا يداولون الرأي في شأن الظاهر قنصوه، وكان على رأس المؤتمرين في ذلك المجلس رجلان: هما الدوادار الكبير طومان باي، وصديقه بدر الدين بن مزهر كاتب السر. أما أولهما فقد رأى فرصة سانحة ليخطو خطوة أخرى تدنيه من العرش، وأما الآخر فكان يطلب ثأرا عند الظاهر قنصوه، فقد هم الظاهر ذات مرة أن يشنقه على باب زويلة لغير ذنب، فلم يخلص من الموت إلا بشفاعة صديقه الدوادار الكبير ... واجتمع رأي الرجلين على خلع السلطان، فلم يلبث سائر الأمراء أن أمنوا على ذلك الرأي، حتى جانبلاط نفسه - كبير أمناء السلطان - لم يجد حرجا في الغدر بمولاه! أفليست هذه فرصة يفترصها ليجلس على عرش قايتباي العظيم فيحقق لأصل باي أمنية؟!
أصل باي جارية السلطان قايتباي، وأم الناصر، وأخت الظاهر، وزوجة جانبلاط ... أربعة سلاطين يكتنفونها عن اليمين وعن الشمال، وكانت جارية في سوق الرقيق منذ قريب، يسومها المفلس والمليء!
وزحف جيش الأمراء إلى القلعة فعسكر في مدرسة السلطان حسن، وتهيأ الظاهر للدفاع عن عرشه، فنصب المجانيق على أسوار القلعة ... ولكن القلعة لم تلبث أن سقطت في أيدي الثوار؛ لأن مماليكه لم يلبثوا أن انحازوا إلى جيش الأمراء إحقاقا للحق ... أفليس أولئك الأمراء أقدم من الظاهر قنصوه في المملوكية؟! فما هذه الخئولة التي يحتج بها لحقه في العرش، وإن هؤلاء الأمراء لأقدم منه في سجل المماليك؟!
ليس ذلك دستور الوراثة في عهد سلطان الجركس!
Halaman tidak diketahui