الخير. ودليل آخر، إن سراقة بن مالك أو الأقرع بن حابس سأل رسول الله عليه السلام عن فريضة الحج، أللعام أم للأبد؟ فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لو قلت نعم لوجبت» (¬1) . فدل أن أهل اللسان عولوا على الدوام ولو لم يعقلوه من خطابهم لما ذهب عنهم. وعكس الآخرون حيث انتهره النبي عليه السلام على الدوام حتى قصر. وقال الآخرون: إنما أخذ عليهم من طريق الشرع لا من طريق اللسان.
فصل
الأمر إذا تكرر لا يقتضي تكرار المأمور به. وقال/ بعضهم يقتضي التكرار والأول أصح. وهو مذهب الفقهاء الثلاثة أبي حنيفة ومالك والشافعي. وقالوا: أنه ليس في تكراره فائدة غير التأكيد. والذي يدل عليه اللفظ الأول هو الذي يدل عليه اللفظ الثاني. وقالوا إن اللفظ الثاني يحتمل الاستئناف فوجب تكرار الفعل لتكرار اللفظ.
قلنا: هذا أمر مظنون. وكما أن الأمر يحتمل الوجوب والندب ولسنا ندع الأصل إلى الفصل. دليل آخر: أن السيد إذا قال لبعده: أسقني، أسقني. أنه لا يتكرر سقيه لتكرر لفظه مرتين، وكذلك ها هنا. وهذا إذا تكرر بلفظ واحد أو بلفظين مختلفين معناهما واحد. وأما إذا تكرر الأمر بلفظين مختلفي المعنى واللفظ فذلك مأمور أن يجب امتثالهما. وأما إن اتفق المعنى واختلف اللفظ فذلك مأمور واحد وكذلك في فعل لا يتكرر كقولك: اعتق عبدك، اعتق عبدك. أو اقتل زيدا، اقتل زيدا/ وأما تكرير لفظ واحد في سخصين فيجب الامتثال فيهما كقولك: اضرب زيدا،
Halaman 92