والزجر. ولا ينزجر بأدنى ما يقع عليه اسم الضرب. فكان الأمر ها هنا غير مجرد من القرائن، بل معه قرينة تدل على التكرار وهو الردع والزجر. ويعكس عليهم بضربه أبدا حتى يموت. واستدلوا بأن لو حلف أن لا يفعل الشيء لم يبر إلا باستدامة/ الترك.
قلنا: النهي خلاف الأمر ومقتضاهما مختلف. وإنما يدل على عكس ما في النهي. فإذا كانت الاستدامة في النهي فأحرى أن تكون في الأمر بل هو أولى. واستدلوا بتكرار الصلاة والصيام والزكاة. وعورضوا بالحج. واستدلوا بتكرار الاعتقاد. وينقض عليهم بمأمور (¬1) مرة واحدة أو بمرار محدودة فإنه يبر بالعدد ويجب عليه تكرار الإعتقاد ولا يجب عليه تكرار الفعل. والدليل الدال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بشيء فآتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم فانتهوا» (¬2) . وقد تعلق الفريقان بهذا الحديث، ولكل متعلق (¬3) ؛ أما الأولون قالوا: التحديد قد وقع، وأقله الاستطاعة. وقال آخرون: فلو استطاع الأبد لكان عليه مثل ما عليه من استدامة النهي حتى يقع التحديد. والكل قاصر.
والذي يتوجه إليه الحديث أنه إن قدر أن يفعل ذلك الشيء كله فعله وإن/ لم يقدر إلا على بعضه فعل ما قدر عليه. ألا تراه يقول: «فأتوا منه ما استطعتم» ولم يرد تكرارهم، وهو الأليق برأفة الرحيم أن يقصرهم على أدنى ما يقع لهم به الاسم. وأما الدوام فشاق، وأما ما ذهب إليه الآخرون فربما أن يكون ندبا أمروا أن يفعلوه ما استطاعوا بدليل قوله عز وجل: { وافعلوا الخير } (¬4) أي : دوموا على فعل
Halaman 91